للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَعْدِنِ. والصَّوَابُ، إن شاءَ اللهُ، أنَّه إن كان المَعْدِنُ يَشْتَمِلُ على ذَهَبٍ وفِضَّةٍ ففى ضَمِّ أحَدِهما إلى الآخرِ وَجْهَانِ؛ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في ضَمِّ أحَدِهما إلى الآخَرِ في غيرِ المَعْدِنِ، وإن كان فيه أجْنَاسٌ من غيرِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ضُمَّ (٣٤) بَعْضُها إلى بَعْضِ؛ لأنَّ الواجِبَ في قِيمَتِها، والقِيمَةُ وَاحِدَةٌ، فأشْبَهَتْ عُرُوضَ التِّجَارَةِ. وإن كان فيها أحَدُ النَّقْدَيْنِ، وجِنْسٌ آخَرُ، ضُمَّ أحَدُهما إلى الآخَرِ، كما تُضَمُّ العُرُوضُ إلى الأثْمانِ. وإن اسْتَخْرَجَ نِصَابًا من مَعْدِنَيْنِ، وَجَبَتِ الزكاةُ فيه؛ لأنَّه مالُ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فأشْبَهَ الزَّرْعَ في مَكانَيْنِ.

الفَصْلُ الرَّابِع، في وَقْتِ الوُجُوبِ، وتجِبُ الزكاةُ فيه حين يَتَنَاوَله ويَكْمُلُ نِصَابُهُ، ولا يُعْتَبَرُ له حَوْلٌ. وهذا قَوْلُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال إسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ: لا شىءَ فى المَعْدِنِ حتى يَحُولَ عليه الحَوْلُ؛ لِقَوْلِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا زَكَاةَ في مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ" (٣٥). ولَنا، أنَّه مالٌ مُسْتَفادٌ من الأرْضِ، فلا يُعْتَبَرُ في وُجُوبِ حَقِّهِ حَوْلٌ، كالزُّرُوع (٣٦) والثِّمَارِ والرِّكَازِ، ولأنَّ الحَوْلَ إنَّما يُعْتَبَرُ في غيرِ هذا لِتَكْمِيلِ النَّماءِ، وهذا (٣٧) يَتَكَامَلُ نَمَاؤُهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً، فلا يُعْتَبَرُ له حَوْلٌ كالزُّرُوعِ، والخَبَرُ مَخْصُوصٌ بِالزَّرْعِ والثَّمَرِ، فيُخَصُّ مَحِلُّ النِّزَاعِ بالقِياسِ عليه. إذا ثَبَتَ هذا فلا يجوزُ إخْرَاجُ زَكَاتِه إلَّا بعدَ سَبْكِه، وتَصْفِيَتِه، كَعُشْرِ الحَبِّ، فإن أخْرجَ رُبْعَ عُشْرِ تُرَابِه قَبْلَ تَصْفِيَتِه، وَجَبَ (٣٨) رَدُّهُ إن كان بَاقِيًا، أو قِيمَتُهُ إن كان تَالِفًا. والقولُ في قَدْرِ المَقْبُوضِ قَوْلُ الآخِذِ؛ لأنَّه غارِمٌ، فإنْ صَفَّاهُ الآخِذُ، فكان قَدْرَ الزكاةِ، أجْزَأَ.


(٣٤) في الأصل: "يضم".
(٣٥) تقدم تخريجه في صفحة ٧٣.
(٣٦) في م: "كالزرع".
(٣٧) في ب، م: "وهو".
(٣٨) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>