للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَدْرِ؛ لأنَّه يُقَدَّرُ فيها ما يَكُونُ فى تِلْكَ السَّنَةِ من خَيْرٍ ومُصِيبَةٍ، ورِزْقٍ وبَرَكَةٍ. يُرْوَى ذلك عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قال اللهُ تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (٨). وسَمَّاهَا مُبَارَكَةً، فقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} (٩). وهى لَيْلَةُ القَدْرِ؛ بدَلِيلِ قَوْلِه سُبْحَانَهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (١٠). وقال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (١١). يُرْوَى أنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ به من بَيْتِ العِزَّةِ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فى لَيْلَةِ القَدْرِ، ثم نَزَل به على النَّبىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُجُومًا فى ثَلَاثٍ وعِشْرِينَ سَنَةً (١٢). وهى بَاقِيَةٌ لم تُرْفَعْ؛ لما رَوَى أبو ذَرٍّ قال، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، لَيْلَةُ القَدْرِ رُفِعَتْ مع الأنْبِيَاءِ، أو هى بَاقِيَةٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ؟ قال: "بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ". قلتُ: فى رمضانَ أو فى غَيرْهِ؟ فقال: "فِى رَمَضَانَ". فقلتُ: فى العَشْرِ الأوَّلِ، أو الثانى، أو الآخِر؟ فقال: "فِى العَشْرِ الآخِرِ" (١٣). وأكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ على أنَّها فى رمضانَ. وكان ابنُ مسعودٍ يقولُ: مَن يَقُمِ الحَوْلَ يُصِبْها. يُشيرُ إلى أنَّها فى السَّنَةِ كُلِّها. وفى كِتَابِ اللهِ تعالى ما يُبَيِّنُ أنَّها فى رمضانَ؛ لأنَّ اللهَ أخْبَرَ أنَّه أنْزَلَ القُرْآنَ فى لَيْلَةِ القَدْرِ، وأنَّه أنْزَلَهُ فى رمضانَ، فيَجِبُ أن تَكُونَ لَيْلَةُ القَدْرِ فى رمضانَ؛ لئَلَّا يَتَناقَضَ الخَبَرَانِ، ولأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ أنَّها فى رمضانَ فى حَدِيثِ أبى ذَرٍّ، وقال: "الْتَمِسُوهَا فى العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فِى كُلِّ وَتْرٍ". مُتَّفَقٌ عليه (١٤). وقال أُبَىُّ بنُ


= وهو التراويح، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم ١/ ٥٢٤.
(٨) سورة الدخان ٤.
(٩) سورة الدخان ٣.
(١٠) سورة القدر ١.
(١١) سورة البقرة ١٨٥.
(١٢) انظر تفسير القرطبى ٢٠/ ١٣٠.
(١٣) أخرجه البيهقى، فى: باب الدليل على أنها فى كل رمضان، من كتاب الصيام. السنن الكبرى ٤/ ٣٠٧.
(١٤) أخرجه البخارى، فى: باب التماس ليلة القدر فى السبع الأواخر، من كتاب ليلة القدر، وفى: باب الاعتكاف وخرج النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صبيحة عشرين، من كتاب الاعتكاف. صحيح البخارى ٣/ ٦٠، ٦٤.=

<<  <  ج: ص:  >  >>