للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَرِيضُ، وتَضِلُّ الضّالَّةُ، وَتَعْرِضُ الْحاجَةُ". قال أحمدُ: ورَوَاهُ الثَّوْرِىُّ، ووَكِيعٌ، عن أبِى إِسْرائِيلَ، عن فُضَيْلِ بن عَمْرٍو، عن سعيدِ بن جُبَيْرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، عن أخِيهِ الفَضْلِ، عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وعن علىٍّ رَضِىَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبْلِغُه إلَى بَيْتِ اللهِ، ولم يَحُجَّ، فَلَا عَلَيْهِ أنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أو نَصْرَانِيًّا". قال التِّرْمِذِىُّ (٧): لا نَعْرِفُه إلَّا من هذا الوَجْهِ، وفى إسْنَادِه مَقَالٌ: ورَوَى سَعِيدُ بن مَنْصُورٍ، بإسْنَادِه عن عبدِ الرحمنِ بن سَابِط، قال: قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ مَاتَ، ولمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الإسْلَامِ، لَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضٌ حابِسٌ، أو سُلْطَانٌ جائِرٌ، أو حَاجَةٌ ظَاهِرةٌ، فَلْيَمُتْ عَلَى أىِّ حالٍ شَاءَ، يَهُودِيًّا، أو نَصْرَانِيًّا" (٨). وعن عمرَ نحوُه من قَوْلِه. وكذلك عن ابنِ عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّه عنهم. ولأنَّه أحَدُ أرْكانِ الإسلامِ، فكان وَاجِبًا على الفَوْرِ، كالصِّيامِ. ولأنَّ وُجُوبَه بِصِفَةِ التَّوَسُّعِ يُخْرِجُه عن رُتْبَةِ الوَاجِباتِ، لأنَّه يُؤَخَّرُ إلى غيرِ غَايَةٍ، ولا يَأْثَمُ بالمَوْتِ قبلَ فِعْلِه، لِكَوْنه فَعَلَ ما يَجُوزُ له فِعْلُه، وليس على المَوْتِ أمَارَةٌ يَقْدِرُ بعدَها على فِعْلِه. فأمَّا النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإنَّما فَتَحَ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وإنَّما أخَّرَهُ سَنَةَ تِسْعٍ، فيَحْتَمِلُ أنَّه كان له عُذْرٌ، من عَدَمِ الاسْتِطَاعَةِ، أو كَرِهَ رُؤْيَة المُشْرِكِينَ عُرَاةً حَوْلَ البَيْتِ، فأَخَّرَ الحَجَّ حتَّى بَعَثَ أبا بكرٍ يُنَادِى: "أنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، ولَا يَطُوفَ بالْبَيْتِ عُرْيَانٌ" (٩). ويَحْتَمِلُ أنَّه أخَّرَهُ بأمْرِ اللهِ تعالى لِتَكُونَ حَجَّتُه (١٠) حَجَّةَ الوَدَاعِ فى السَّنَةِ التى اسْتَدَارَ فيها الزَّمَانُ كَهَيْئَتِه يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّموَاتِ والأَرْضَ، ويُصَادِفَ وَقْفَتُه (١١) الجُمُعَةَ، ويُكْمِلَ اللهُ دِينَه.


(٧) فى: باب ما جاء فى التغليظ فى ترك الحجّ، من أبواب الحجّ. عارضة الأحوذى ٤/ ٢٧. وانظر تلخيص الحبير ٢/ ٢٢٢، ٢٢٣.
(٨) انظر تلخيص الحبير ٢/ ٢٢٢، ٢٢٣.
(٩) تقدَّم تخريحه فى الصفحة السابقة.
(١٠) سقط من: م.
(١١) فى أ، م: "وقفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>