للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّافِعِيِّ. ورَوَى المَرُّوذِيُّ عن أحمدَ: إنْ سَاقَ الهَدْىَ، فالقِرَانُ أَفْضَلُ، وإن لم يَسُقْهُ فالتَّمَتُّعُ أفْضَلُ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَنَ حين سَاقَ الهَدْىَ ومَنَعَ كُلَّ من سَاقَ الهَدْىَ من الحِلِّ حتى يَنْحَرَ هَدْيَهُ. وَذهَبَ (٢) الثَّوْرِيُّ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ إلى اخْتِيَارِ القِرَانِ؛ لما رَوَى أنَسٌ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهَلَّ بهما جَمِيعًا: "لَبَّيْكَ عُمْرَةً وحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وحَجًّا". مُتَّفَقٌ عليه (٣). وحَدِيثُ الضَّبِّيِّ بن مَعْبَدٍ، حين لَبَّى بهما، ثم أتَى عمرَ فسَألَهُ فقال: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٤). وَرُوِىَ عن مَرْوَانَ بن الحَكَمِ، قال: كنتُ جَالِسًا عند عثمانَ بن عفان، فسَمِعَ عليًّا يُلَبِّى بِعُمْرَةٍ وحَجٍّ، فأرْسَلَ إليه، فقال: ألم نَكُنْ نَهَيْنا عن هذا؟ قال: بَلَى، ولكنْ سمعتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُلَبِّى بهما جَمِيعًا، فلم أكُنْ أَدَعُ قَوْلَ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِقَوْلِكَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ (٥). ولأنَّ القِرَانَ مُبَادَرَةٌ إلى فِعْلِ العِبادَةِ، وإحْرَامٌ بِالنُّسُكَيْنِ من المِيقَاتِ، وفيه زِيادَةُ نُسُكٍ هو الدَّمُ، فكان أوْلَى. وذَهَبَ مالِكٌ، وأبو ثَوْرٍ، إلى اخْتِيَارِ الإِفْرَادِ. وهو ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَرُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعثمانَ، وابنِ عمرَ، وجابِرٍ، وعائشةَ؛ لما رَوَتْ عائشةُ، وجابِرٌ، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفْرَدَ الحَجَّ. مُتَّفَقٌ عليهما (٦). وعن ابنِ عمرَ وابنِ عَبَّاسٍ مثلُ ذلك. مُتَّفَقٌ


(٢) في م: "وإليه ذهب".
(٣) أخرجه البخاري، في: باب بعث على بن أبي طالب. . .إلى اليمن، من كتاب المغازي. صحيح البخاري ٥/ ٢٠٨. ومسلم، في: باب في الإفراد والقران، وباب إهلال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهديه، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٠٥، ٩١٥.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الإقران، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤١٧. والترمذي، في: باب ما جاء في الجمع بين الحج والعمرة، من أبواب الحج. عارضة الأحوذي ٤/ ٣٨. والنسائي، في: باب القران، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ١١٦، ١١٧. وابن ماجه، في: باب الإحرام، وباب من قرن الحج والعمرة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٧٣، ٩٨٩. والدارمي، في: باب في القران، من كتاب المناسك. سنن الدارمي ٢/ ٧٠. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٥٣، ٣/ ٩٩، ١٠٠، ١٨٧.
(٤) تقدم تخريجه في صفحة ١٣.
(٥) أخرجه البخاري، في: باب التمتع والإقران والإفراد بالحج. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري ٢/ ١٧٥، ١٧٦. والنسائي، في: باب القران، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ١١٥.
(٦) أخرجهما البخاري في: باب التمتع والإقران والإفراد بالحج. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري ٢/ ١٧٥، ١٧٦. ومسلم، في: باب بيان وجوه الإحرام، وأنه يجوز إفراد الحج. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٨٧١، ٨٧٣، ٨٧٥، ٨٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>