للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَعَتْ أَفْعالُها فى أَشْهُرِ الحَجِّ، أو فى غيرِ أشْهُرِه. نَصَّ عليه أحمدُ. قال الأثْرَمُ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ، سُئِلَ عَمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ، ثم قَدِمَ فى شَوَّالٍ، أَيَحِلُّ من عُمْرَتِه فى شَوَّال، أو يكونُ مُتَمَتِّعًا؟ فقال: لا يكونُ مُتَمَتِّعًا. واحْتَجَّ بحديثِ جابِرٍ، وذَكَرَ إسْنَادَه عن أبى الزُّبَيْرِ، أنَّه سَمِعَ جَابِرَ بنَ عبدِ اللهِ يُسْأَلُ عن امْرَأَةٍ تَجْعَلُ على نَفْسِها عُمْرَةً فى شَهْرٍ مُسَمًّى، ثم تَحِلُّ إلَّا لَيْلَةً واحِدَةً، ثم تَحِيضُ؟ قال: لتَخْرُجْ. ثم لْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثم لْتَنْتَظِرْ (١٣) حتى تَطْهُرَ، ثم لْتَطُفْ بِالْبَيْتِ. قال أبو عبدِ اللهِ: فجعل عُمْرَتَها فى الشَّهْرِ الذى أَهَلَّتْ فيه، لا فى الشَّهْرِ الذى حَلَّتْ فيه. ولا نَعْلَمُ بين أهْلِ العِلْمِ خلَافًا فى أنَّ مَن اعْتَمَرَ فىَ غيرِ أَشْهُرِ الحَجِّ عُمْرَةً، وحَلَّ منها قبلَ أَشْهُرِ الحَجِّ، أنَّه لا يكونُ مُتَمَتِّعًا، إلَّا قَوْلَيْنِ شَاذَّيْنِ، أحدُهما عن طَاوُسٍ، أنَّه قال: إذا اعْتَمَرْتَ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ، ثم أَقَمْتَ حتى الحَجِّ، فأنْتَ مُتَمَتِّعٌ. والثانى عن الحسنِ، أنَّه قال: مَنِ اعْتَمَرَ بعدَ النَّحْرِ، فهى مُتْعَةٌ. قال ابنُ المُنْذِرِ: لا نَعْلَمُ أحَدًا قال بوَاحِدٍ من هذينِ القَوْلَيْنِ. فأمَّا إنْ أحْرَمَ بِالعُمْرَةِ فى غيرِ أَشْهُرِ الحَجِّ، ثم حَلَّ منها فى أَشْهُرِه (١٤)، فمذهبُ أَحمدَ أنَّه لا يكونُ مُتَمَتِّعًا. ونُقِلَ مَعْنَى ذلك عن جابِرٍ، وأبى عِياضٍ (١٥). وهو قولُ إسحاقَ، وأحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ. وقال طَاوُسٌ: عُمْرَتُه فى الشَّهْرِ الذى يَدْخُلُ فيه الحَرَمَ. وقال الحسنُ، والحَكَمُ، وابنُ شُبْرُمَةَ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ فى أحَدِ قَوْلَيْهِ: عُمْرَتُه فى الشَّهْرِ الذى يَطُوفُ فيه. وقال عَطاءٌ: عُمْرَتُه فى الشَّهْرِ الذى يَحِلُّ فيه. وهو قَوْلُ مَالِكٍ. وقال أبو حنيفةَ: إنْ طافَ لِلْعُمْرَةِ أرْبَعَةَ أشْواطٍ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ، فليس بمُتَمَتِّعٍ. وإن طافَ الأَرْبَعَةَ فى أشْهُرِ الحَجِّ، فهو مُتَمَتِّعٌ؛ لأنَّ العُمْرَةَ صَحَّتْ فى أَشْهُرِ الحَجِّ؛ بِدَلِيلِ أنَّه لو وَطِئَ أفْسَدَها، أشْبَهَ إذا أحْرَمَ بها فى أَشْهُرِ الحَجِّ. ولَنا، ما ذَكَرْنَا عن جابِرٍ، ولأنَّه أتَى بِنُسُكٍ لا تَتِمُّ العُمْرَةُ إلَّا به فى غيرِ


(١٣) فى الأصل: "تنتظر".
(١٤) فى أ، ب، م: "أشهر الحج".
(١٥) أبو عياض عمرو بن الأسود العنسى، تابعى من العلماء الثقات، توفى فى خلافة معاوية. تهذيب التهذيب ٨/ ٤ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>