للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْهُرِ الحَجِّ، فلم يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، كما لو طافَ. ويُخَرَّجُ عليه ما قَاسُوا عليه. الثانى، أن يَحُجَّ من عَامِه، فإن اعْتَمَرَ فى أشْهُرِ الحَجِّ، ولم يَحُجَّ ذلك العامَ، بل حَجَّ من العامِ القَابِلِ (١٦)، فليس بمُتَمَتِّعٍ. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، إلَّا قَوْلًا شَاذًّا عن الحسنِ، فى مَن اعْتَمَرَ فى أشْهُرِ الحَجِّ، فهو مُتَمَتِّعٌ، حَجَّ أو لم يَحُجَّ. والجُمهورُ على خِلافِ هذا؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١٧). وهذا يَقْتَضِى المُوَالَاةَ بينهما، ولأنَّهم إذا أَجْمَعُوا على أنَّ مَن اعْتَمَرَ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ، ثم حَجَّ من عَامِه ذلك، فليسَ بِمُتَمَتِّعٍ، فهذا أوْلَى من التَّبَاعُدِ بينهما أكْثَرَ. الثالث، أنْ لا يُسافِرَ بين العُمْرَةِ والحَجِّ سَفَرًا بَعِيدًا تُقْصَرُ فى مثلِه الصلاةُ. نَصَّ عليه أحمدُ (١٨).: رُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ، [والمُغِيرَةِ الْمَدِينِىِّ] (١٩)، وإسحاقَ. وقال الشَّافِعِىُّ: إن رَجَعَ إلى المِيقَاتِ، فلا دَمَ عليه. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إن رَجَعَ إلى مِصْرِه، بَطَلَتْ مُتْعَتُه (٢٠)، وإلَّا فلا. [وقال مَالِكٌ: إن رَجَعَ إلى مِصْرِه، أو إلى غيرِه أَبْعَدَ من مِصْرِه، بَطَلَتْ مُتْعَتُه، وإلَّا فلا] (٢١). وقال الحسنُ: هو مُتَمَتِّعٌ وإن رَجَعَ إلى بَلَدِه. واخْتَارَه ابنُ المُنْذِرِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِه تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. ولَنا، ما رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال: إذا اعْتَمَرَ فى أشْهُرِ الحَجِّ، ثم أقَامَ (٢٢):


(١٦) فى أ: "المقبل".
(١٧) سورة البقرة ١٩٦.
(١٨) سقط من: ب، م.
(١٩) فى أ، ب، م: "والمغيرة والمدينى".
والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومى، فقيه المدينة بعد مالك، مات بعد مالك بسبع سنين. انظر ترجمته فى تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٦٥.
(٢٠) فى الأصل: "عمرته".
(٢١) سقط من: أ. نقلة نظر.
(٢٢) فى أ، ب، م: "قام".

<<  <  ج: ص:  >  >>