للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخِرُهَا (٤) يَوْمُ عَرَفَةَ. وَرُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ، والشَّعْبِىِّ، ومُجاهِدٍ، والحسنِ، والنَّخَعِىِّ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، وعَلْقَمَةَ، وعَمْرِو بن دِينَارٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ورُوِىَ عن (٤) ابنِ عمرَ، وعائشةَ، أنَّه يَصُومُهُنَّ ما بين إهْلَالِه بِالحَجِّ ويَوْمِ عَرَفَةَ. وظَاهِرُ هذا أن يَجْعَلَ آخِرَها يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ غيرُ مُسْتَحَبٍّ. وكذلك ذَكَرَ القاضى، فى "المُحَرَّرِ" [مذهبَ أحمدَ] (٥). والمَنْصُوصُ عن أحمدَ الذى وَقَفْنَا عليه مثلُ قَوْلِ الخِرَقِىِّ، أنَّه يكونُ آخِرُها يَوْمَ عَرَفَةَ، وهو قَوْلُ من سَمَّيْنَا من العلماءِ، وإنَّما أحْبَبْنَا له صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ هاهنا، لِمَوْضِعِ الحاجَةِ. [وعلى هذا] (٦) القَوْلِ يُسْتَحَبُّ له تَقْدِيمُ الإِحْرامِ بالحَجِّ قبلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ؛ لِيَصُومَها فى الحَجِّ، وإن صامَ منها شَيْئًا قبلَ إحْرَامِهِ بِالحَجِّ جازَ. نَصَّ عليه. وأمَّا وَقْتُ جَوازِ صِيامِها (٧) فإذا أحْرَمَ بِالعُمْرَةِ. وهذا قَوْلُ أبى حنيفةَ. وعن أحْمَدَ أنَّه (٨) إذا حَلَّ من العُمْرَةِ. وقال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ: لا يجوزُ إلَّا بعدَ إحْرَامِ الحَجِّ. ويُرْوَى ذلك عن ابْنِ عمرَ. وهو قَوْلُ إسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}. ولأنَّه صِيَامٌ وَاجِبٌ، فلم يَجُزْ تَقْدِيمُه على وَقْتِ وُجُوبِه، كسَائِرِ الصِّيامِ الوَاجِبِ. ولأنَّ ما قَبْلَهُ وَقْتٌ لا يجوزُ فيه المُبْدَلُ، فلم يَجُزِ البَدَلُ، كقَبْلِ الإِحْرامِ بِالْعُمْرَةِ. وقال الثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ: يَصُومُهُنَّ من أَوَّلِ العَشْرِ إلى يَوْمِ عَرَفَةَ. ولَنا، أنَّ إحْرَامَ العُمْرَةِ أحَدُ إحْرَامَىِ التَّمَتُّعِ، فجازَ الصَّوْمُ بعدَه، كإِحْرَامِ الحَجِّ. فأمَّا قَوْلُه: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}. فقِيلَ: مَعْنَاهُ فى أشْهُرِ الحَجِّ، فإَّنه لا بُدَّ من إضْمَارٍ، إذْ كان الحَجُّ


(٤) سقط من: أ، ب، م.
(٥) سقط من: ب، م.
(٦) فى ب، م: "وهذا".
(٧) فى ب، م: "صومها".
(٨) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>