للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصْحابُ الرَّأْىِ. قال الزُّهْرِىُّ: على المُتَعَمِّدِ بالكِتابِ، وعلى المُخْطِئ بِالسُّنَّةِ. والرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لا كَفَّارَةَ فى الخَطَأِ. وهو قَوْلُ ابنِ عَبّاسٍ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، وطَاوُسٍ، وابنِ المُنْذِرِ، ودَاوُدَ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا}. فدَلِيلُ خِطَابِه، أنَّه لا جَزاءَ على الخَاطِئِ؛ لأنَّ الأصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِه، فلا يَشْغَلُها إلَّا بِدَلِيلٍ، ولأنَّه مَحْظُورٌ لِلْإحْرامِ لا يُفْسِدُه، فيَجِبُ التَّفْرِيقُ بين خَطَئِه وعَمْدِه، كاللُّبْسِ والطِّيبِ. ووَجْهُ الأُولَى قولُ جَابِرٍ: جَعَلَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى [الضَّبُعِ يَصِيدُه المُحْرِمُ كَبْشًا. وقال عليه السَّلَامُ] (٤) فِى بَيْضِ النَّعَامِ يُصِيبُه المُحْرِمُ: "ثَمَنُه". ولم يُفَرِّقْ. رَوَاهُما ابنُ مَاجَه (٥). ولأنَّه ضَمانُ إتْلَافٍ (٦) فاسْتَوى عَمْدُهُ وخَطؤُه، كمالِ الآدَمِىِّ. الفصل الثالث، أنَّ الجَزاءَ لا يَجِبُ إلَّا على المُحْرِمِ، ولا فَرْقَ بين إحْرامِ الحَجِّ وإحْرامِ العُمْرَةِ؛ لِعُمُومِ النَّصِّ فيهما. ولا خِلافَ فى ذلك. ولا فَرْقَ بين الإِحْرامِ بِنُسُكٍ واحِدٍ، وبين الإِحْرَامِ بِنُسُكَيْنِ، وهو القَارِنُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى لم يُفَرِّقْ بينهما. الفصل الرابع، أنَّ الجَزاءَ لا يَجِبُ إلَّا بِقَتْلِ الصَّيْدِ؛ لأنَّه الذى وَرَدَ به النَّصُّ بِقَوْلِه تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ}. والصَّيْدُ ما جَمَعَ ثلاثةَ أشياءَ، وهو أن يكونَ مُبَاحًا أَكْلُه، لا مَالِكَ له، مُمْتَنِعًا. فيَخْرُجُ بِالوَصْفِ الأوَّلِ كلُّ ما ليس بِمَأْكُولٍ لا جَزاءَ فيه، كسِباعِ البَهائِمِ، والمُسْتَخْبَثِ من الحَشَرَاتِ، والطَّيْرِ، وسائِرِ المُحَرَّماتِ. قال أحمدُ: إنَّما جُعِلَتِ الكَفَّارَة فى الصَّيْدِ المُحَلَّلِ أكْلُه. وقال: كلُّ ما يُودَى (٧) إذا أصَابَهُ المُحْرِمُ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ.


(٤) سقط من: الأصل.
(٥) فى: باب جزاء الصيد يصيبه المحرم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه، ٢/ ١٠٣١.
كما أخرج الأول أبو داود، فى: باب فى أكل الضبع، من كتاب الاْطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣١٩. وأخرج الثاني البيهقى، فى: باب بيض النعامة يصيبها المحرم، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ٢٠٧، ٢٠٨.
(٦) سقط من: أ.
(٧) فى م: "يؤذى". خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>