للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُنْذِرِ. واخْتُلِفَ فيه عن عَطاءٍ؛ لأنَّه سَبُعٌ، وقد نَهَى النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن كلِّ ذِى نَابٍ من السِّبَاعِ (١٦). وإذا أوْجَبْنَا فيه الجَزاءَ، ففيه شاةٌ؛ لأنَّه رُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ. واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فى السِّنَّوْرِ (١٧)، أهْلِيًّا كان أو وَحْشِيًّا، والصَّحِيحُ أنَّه لا جَزاءَ فيه. وهو اخْتِيارُ القاضى؛ لأنَّه سَبُعٌ، وليس بِمَأْكُولٍ. وقال الثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ: فى الوَحْشِىِّ حُكُومَةٌ، ولا شَىْءَ فى الأهْلِىِّ؛ لأنَّ الصَّيْدَ ما كان وَحْشِيًّا. واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فى الهُدْهُدِ والصُّرَدِ (١٨)؛ لاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ في إباحَتِهِما، وكلُّ ما اخْتُلِفَ فى إباحَتِه يُخْتَلَفُ فى جَزائِه، فأمَّا ما يَحرُمُ، فالصَّحِيحُ أنَّه لا جَزاءَ فيه؛ لأنَّه مُخَالِفٌ لِلْقِياسِ، ولا نَصَّ فيه. الوصف الثانى، أن يكونَ وَحْشِيًّا، وما ليس بِوَحْشِىٍّ لا يَحْرُمُ على المُحْرِمِ ذَبْحُهُ ولا أكْلُه، كبَهِيمَةِ الأنْعامِ كلِّها، والخَيْلِ، والدَّجَاجِ، ونَحْوِها. لا نَعْلَمُ بين أهْلِ العِلْمِ فى هذا خِلافًا، والاعْتِبَارُ فى ذلك بالأصْلِ، لا بالحالِ، فلو اسْتَأْنَسَ الوَحْشِىّ وَجَبَ فيه الجَزاءُ، وكذلِك وَجَبَ الجَزاءُ فى الحَمامِ أهْلِيِّه ووَحْشِيِّه، اعْتِبَارًا بِأصْلِه. ولو تَوَحَّشَ الأهْلِىُّ لم يَجِبْ فيه شىءٌ. قال أحمدُ، فى بَقَرَةٍ صارَتْ وَحْشِيَّةً: لا شىءَ فيها؛ لأنَّ الأصْلَ فيها الإِنْسِىُّ. وإن تَوَلَّدَ من الوَحْشِىِّ والأهْلِىِّ وَلَدٌ، ففيه الجَزاءُ، تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، كقَوْلِنا فى المُتَوَلِّدِ بين المُباحِ والمُحَرَّمِ. واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فى الدَّجَاجِ السِّنْدِيِّ، هل فيه جَزَاءٌ؟ على رِوَايَتَيْنِ. ورَوَى مُهَنَّا (١٩)، عن أحمدَ، فى البَطِّ،


(١٦) أخرجه البخارى، فى: باب ألبان الأتن، من كتاب الطب. صحيح البخارى ٧/ ١٨١. ومسلم، فى: باب تحريم أكل كل ذى ناب من السباع. . .، من كتاب الصيد. صحيح مسلم ٣/ ١٥٣٣. وأبو داود، فى: باب النهى عن أكل السباع، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣١٩. والترمذى، فى: باب ما جاء فى كراهية أكل المصبورة، من أبواب الصيد، وفى: باب ما جاء في لحوم الحمر الأهلية، وباب ما جاء فى الأكل فى آنية الكفار، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٦٦، ٧/ ٢٩٧، ٢٩٨. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ١٤٧، ٤/ ١٩٣، ١٩٤.
(١٧) السنور: الهِرُّ.
(١٨) الصُّردُ؛ وزان عُمَر: نوع من الغربان، والجمع صِرْدان.
(١٩) فى الأصل: "محمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>