للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَبْعَةً إذا رَجَعْتَ، إن شاءَ اللهُ تعالى (١٠). ورَوَى النَّجَّادُ، بإسْنَادِه عن عَطَاءٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "مَنْ فَاتَهُ الحَجُّ فَعَلَيْهِ دَمٌ، ولْيَجْعَلْها عُمْرَةً، ولْيَحُجّ مِنْ قَابِلٍ" (١١). ولأنَّه يجوزُ فَسْخُ الحَجِّ إلى العُمْرَةِ من غيرِ فَوَاتٍ، فمع الفَوَاتِ أَوْلَى. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَجْعَلُ إحْرامَه بِعُمْرَةٍ. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، ونَصَّ عليه أحمدُ، واخْتارَهُ أبو بكرٍ. وهو قَوْلُ ابنِ عَبّاسٍ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وعَطاءٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال ابنُ حَامِدٍ: لا يَصِيرُ إحْرامُه بِعُمْرَةٍ، بل يَتَحَلَّلُ بِطوَافٍ وسَعْىٍ وحَلْقٍ. وهو مذهبُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ إحْرَامَهُ انْعَقَدَ بأحدِ النُّسُكَيْنِ، فلم يَنْقَلِبْ إلى الآخَرِ، كما لو أحْرَمَ بِالعُمْرَةِ، ويَحْتَمِلُ أنَّ مَن قال: يَجْعَلُ إحْرَامَهُ عُمْرَةً. أرَادَ به يَفْعَلُ ما فَعَلَ المُعْتَمِرُ، وهو الطَّوَافُ والسَّعْىُ، ولا يكونُ بين القَولَيْنِ خِلَافٌ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِيرَ إحْرامُ الحَجِّ إحْرامًا بِعُمْرَةٍ، بحيثُ يُجْزِئُه عن عُمْرَةِ الإسْلامِ إن لم يكُنِ اعْتَمَرَ، ولو أدْخَلَ الحَجَّ عليها لصَارَ قَارِنًا، إلَّا أنَّه لا يُمْكِنُه الحَجُّ بذلك الإحْرامِ، إلَّا أن يَصِيرَ مُحْرِمًا به فى غير أشْهُرِه، فيَصِيرَ كمَنْ أحْرَمَ بِالحَجِّ فى غيرِ أشْهُرِهِ، ولأنَّ قَلْبَ الحَجِّ إلى العُمْرَةِ يجوزُ من غيرِ سَبَبٍ، على ما قَرَّرْناهُ فى فَسْخِ الحَجِّ، فمع الحاجَةِ أوْلَى، ويُخَرَّجُ على هذا قَلْبُ العُمْرَةِ إلى الحَجِّ، فإنه لا يجوزُ، ولأنَّ العُمْرَةَ لا يَفُوتُ وَقْتُها، فلا حَاجَةَ إلى انْقِلابِ إحْرامِها، بِخِلافِ الحَجِّ. الفَصْلُ الثَّالِثُ، أنَّه يَلْزَمُه القَضاءُ من قَابِلٍ، سواءٌ كان الفَائِتُ وَاجِبًا، أو تَطوُّعًا. رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وابْنِه، وزيدٍ، وابْنِ عَبّاسٍ، وابْنِ الزُّبَيْرِ، ومَرْوَانَ، وهو قَوْلُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وعن أحْمدَ، لا قَضاءَ عليه،


(١٠) أخرجه الإمام مالك، فى: باب هدى من فاته الحج، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٣٨٣. والبيهقى، فى: باب ما يفعل من فاته الحج، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ١٧٤.
(١١) وأخرجه الدارقطنى عن عطاء عن ابن عباس عن النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بمعناه، فى: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطنى ٢/ ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>