للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله أوْلادُه ونَمَاؤُه والرُّجُوعُ فيه متى شاءَ، ما لم يَذْبَحْهُ؛ لأنَّه نَوَى الصَّدَقَةَ بشىءٍ من مَالِه، فأشْبَهَ ما لو نَوَى الصَّدَقَةَ بِدِرْهَمٍ. الثانى، أنْ يُوجِبَهُ بِلِسانِه، فيقولَ: هذا هَدْىٌ. أو يُقَلِّدَه أو يُشْعِرَه، يَنْوِى بذلك إهْداءَه، فيَصِيرَ وَاجِبًا مُتَعَيَّنًا (٣)، يَتَعَلَّقُ الوُجُوبُ بِعَيْنِه دونَ ذِمَّةِ صاحِبِه، ويَصِيرَ فى يَدَىْ صَاحِبِه كالوَدِيعَةِ، يَلْزَمُه حِفْظُه وإيصالُه إلى مَحِلِّهِ، فإن تَلِفَ بغيرِ تَفْرِيطٍ منه، أو سُرِقَ (٤)، أو ضَلَّ، لم يَلْزَمْهُ شىءٌ؛ لأنَّه لم يَجِبْ فى الذِّمَّةِ، إنَّما تَعَلَّقَ الحَقُّ بِالْعَيْنِ، فسَقَطَ بِتَلَفِهَا، كالوَدِيعَةِ. وقد رَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ (٥)، بإسْنادِه عن ابْنِ عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنهما، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقولُ: "مَنْ أهْدَى تَطَوُّعًا، ثَمَّ ضَلَّتْ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ البَدَلُ، إلَّا أنْ يَشَاءَ، فَإنْ كَانَ نَذْرًا، فَعَلَيْهِ البَدَلُ". وفى رِوايَةٍ، قال: "مَنْ أهْدَى تَطَوُّعًا، ثَمَّ عَطِبَ، فَإنْ شَاءَ [أبْدَلَ، وإنْ شَاءَ] (٦) أكَلَ، وإنْ كَانَ نَذْرًا فَلْيُبْدِلْ". فأمَّا إن أتْلَفَهُ، أو تَلِفَ (٧) بِتَفْرِيطِه، فعليه ضَمَانُه؛ لأنَّه أَتْلَفَ وَاجِبًا لغَيرِه، فضَمِنَه، كالوَدِيعَةِ. وإن خَافَ عَطَبَه، أو عَجَزَ (٨) عن المَشْىِ وصُحْبَةِ الرِّفاقِ، نَحَرَه مَوْضِعَه، وخَلَّى بينه وبينَ المَساكِينِ، ولم يُبَحْ له أكْلُ شىءٍ منه، ولا لأحَدٍ من صَحابَتِه، وإن كانوا فُقَرَاءَ، ويُسْتَحَبُّ له أن يَضَعَ نَعْلَ الهَدْىِ المُقَلَّدَ فى عُنُقِه فى دَمِه، ثم يَضْرِبَ به صَفْحَتَه، لِيُعَرِّفَه الفُقَرَاءَ، فيَعْلَمُوا أنَّه هَدْىٌ، وليس بِمَيْتَةٍ، فيأْخُذُوه (٩). وبهذا قال


(٣) فى أ، ب، م: "معينا".
(٤) فى ب، م: "سوق".
(٥) فى: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطنى ٢/ ٢٤٢.
(٦) سقط من: الأصل.
(٧) فى الأصل زيادة: "بغير".
(٨) فى الأصل: "عجزه".
(٩) فى الأصل: "فيأخذونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>