للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أَجَلٍ. ولأنَّهما مَالَانِ لا يَجْرِى فيهما رِبا الفَضْلِ، فجازَ النَّسَاءُ فيهما كالعَرْضِ بالدِّينَارِ، ولأنَّ النَّسَاءَ أحَدُ نَوْعَىِ الرِّبَا، فلم يَجُزْ فى الأنواع (٤) كُلِّها، كالنَّوْعِ الآخَرِ. والرِّوايةُ الثانية، يَحْرُمُ النَّساءُ فى كلِّ مالٍ بِيعَ بجِنْسِه، كالحيوانِ بالحيوانِ، والثِّيابِ بالثِّيابِ، ولا يَحْرُمُ فى غير ذلك. وهذا مَذهَبُ أبى حنيفةَ. ومِمَّنْ كَرِهَ بَيْعَ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَساءً ابنُ الحَنَفِيَّةِ، وعبدُ اللهِ بن عُمَيْرٍ، وعَطاءٌ، وعِكْرِمَةُ ابن خالِدٍ، وابنُ سِيرِينَ، والثَّوْرِىُّ. وَرُوِىَ ذلك عن عَمَّارٍ، وابنِ عمرَ؛ لِمَا رَوَى سَمُرَةُ: أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسِيئَةً. قال التِّرْمِذِىُّ (٥): هذا حَدِيثٌ حسنٌ صحيحٌ، ولأنَّ الجِنْسَ أحدُ وَصْفَىْ عِلَّةِ رِبَا الفَضْلِ، فَحُرِمَ النَّسَاءُ، كالكَيْلِ والوَزْنِ. والثالثة، لا يَحْرُمُ النَّساءُ إلَّا فيما بيعَ بِجِنْسِه مُتَفَاضِلًا، فأمَّا مع التَّمَاثُلِ فلا؛ لِمَا رَوَى جابرٌ، أن النبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الحَيَوانُ اثْنَانِ (٦) بِوَاحِدٍ لا يَصْلُحُ نَسَاءً، ولا بَأْسَ به يَدًا بِيَدٍ"، قال التِّرْمِذِىُّ (٧): هذا حديثٌ حَسَنٌ. ورَوَى ابنُ عُمَرَ: أن رَجُلًا قال: يا رَسُولَ اللهِ، أرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَبِيعُ الفَرَسَ بالأَفْراسِ والنَّجِيبَةَ بالإِبِلِ؟ فقال: "لا بَأْسَ إذا كانَ يَدًا بِيَدٍ". من المسْنَدِ (٨). وهذا يَدُلُّ على إباحةِ النَّسَاءِ مع التَّمَاثُلِ بمَفْهُومِهِ. والرابعة، يَحْرُمُ النَّساءُ فى كلِّ مالٍ بِيعَ بمالٍ آخَرَ، سَواءٌ كان من جِنْسِه [أو من غيرِ جِنْسِه] (٩). وهذا


(٤) فى م: "الأموال".
(٥) فى: باب ما جاء فى كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٤٦.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى الحيوان بالحيوان نسيئة، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٢٤. والنسائى، فى: باب بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٥٧. وابن ماجه, فى: باب الحيوان بالحيوان نسيئة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٦٣. والدارمى, فى: باب فى النهى عن بيع الحيوان بالحيوان، من كتاب البيوع. سنن الدارمى ٢/ ٢٠٤.
(٦) فى النسخ: "اثنين". وعند ابن ماجه: "لا بأس بالحيوان واحدًا باثنين يدًا بيد".
(٧) فى: باب ما جاء فى كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٤٧.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب الحيوان بالحيوان نسيئة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٦٣.
(٨) المسند ٢/ ١٠٩.
(٩) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>