للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه غيرُه، أو يكونَ مع كلِّ واحِدٍ منهما من غيرِ جِنْسِه، فإنَّ مُهَنَّا نَقَلَ عن أحمدَ فى (٩) بَيْعِ الزُّبْدِ باللَّبَنِ، يَجُوزُ، إذا كان الزُّبْدُ المُنْفَرِدُ أكثرَ من الزُّبْدِ الذى فى اللَّبَنِ. ورَوَى حَرْبٌ، قال: قلتُ لأحمدَ: دَفَعْتُ دِينارًا كُوفِيًّا ودِرْهَمًا، وأخَذْتُ دِينارًا شَامِيًّا، وَزْنُهُما سَواءٌ، لكنَّ الكُوفِىَّ أَوْضَعُ؟ قال: لا يجوزُ، إلَّا أنْ يَنْقُصَ الدِّينارَ، فيُعْطِيهِ بحِسابِه فِضَّةً. وكذلك رَوَى عنه محمدُ بنُ أبى حَرْبٍ الجَرْجَرَائِىُّ (١٠). ورَوَى المَيْمُونِىُّ أنَّه سَأَلَه: لا يَشْتَرِى السَّيْفَ والمِنْطَقَة حتى يفصِلَها؟ فقال: لا يَشْتَرِيها حتى يَفصِلَها. إلَّا أنَّ هذا أَهْوَنُ من ذلك؛ لأنَّه قد يَشْتَرِى أحَدَ النَّوْعَيْنِ بالآخَرِ يفْصِلُه (١١). وفيه غيرُ النَّوْعِ الذى يَشْتَرِى به، فإذا كان مِن فَضْلِ الثَّمَنِ، إلَّا أنَّ من ذَهَبَ إلى ظاهِرِ القِلادَةِ لا يَشْتَرِيه حتى يفصلَه. قيل له: فما تَقُولُ أنْتَ؟ قال: هذا مَوْضِعُ نَظَرٍ. وقال أبو داودَ: سَمِعْتُ أحمدَ سُئِلَ عن الدَّراهِمِ المُسَيَّبِيَّةِ (١٢)، بعضُها صُفْرٌ وبعضُها فِضَّةٌ، بالدَّرَاهِمِ؟ قال: لا أقولُ فيه شيئا، قال أبو بكْرٍ: رَوَى هذه المَسْأَلَةَ عن أبى عبدِ اللهِ خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا. كُلُّهُمُ اتَّفَقُوا على أنَّه لا يَجُوزُ حتى يفصِلَ، إلّا المَيْمُونِىَّ. ونَقَلَ مُهَنَّا كَلامًا آخَرَ. وقال حَمَّادُ بنُ أبِى سليمانَ، وأبو حنيفةَ: يجوزُ. هذا كُلُّه إذا كان المُفْرَدُ أكْثَرَ من الذى معه غيرُه، أو كان مع كُلِّ واحِدٍ منهما مِن غيرِ جِنْسِه. وقال الحسنُ: لا بَأْسَ بِبَيْعِ السَّيْفِ المُحَلَّى بالفِضَّةِ بالدَّراهِمِ. وبه قال الشَّعْبِىُّ والنَّخَعِىُّ، واحْتَجَّ من أجازَ ذلك بأنَّ العَقْدَ إذا أمْكَنَ حَمْلُه على الصِّحَّةِ، لم يُحْمَلْ على الفَسادِ؛ لأنَّه لو اشْتَرَى لَحْمًا من قَصَّابٍ، جازَ مع احْتِمالِ كَوْنِه مَيْتَةً. ولكنْ وَجَبَ حَمْلُه على أنّه مُذَكًّى، تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ. ولو اشْتَرَى من إنْسانٍ شيئًا، جازَ، مع احْتِمالِ كَوْنِه


(٩) فى م زيادة: "أن".
(١٠) ترجمه ابن أبى يعلى، فى طبقات الحنابلة ١/ ٣٣١. وهو فى المطبوع منها: "محمد بن النقيب بن أبى حرب"، وقال نقلا عن الخلال: كان أحمد يكاتبه ويعرف قدره، عنده عن أبى عبد اللَّه مسائل مشبعة كنت سمعتها منه.
(١١) فى الأصل: "يفصل".
(١٢) فى الأصل: "المسيبتة". والمسيبية: دراهم من ضرب الإسلام عامتها ذهب إلا شيئًا فيها فضة. معجم البلدان ١/ ٥١٩، ومسائل الإِمام أحمد، لأبى داود ١٩٥، ١٩٦، النقود العربية، للكرملى ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>