للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمَرَةُ مُؤَبَّرَةً، فهى لِلْبائِعِ. وإن كانت غيرَ مُؤَبَّرَةٍ، فهى لِلْمُشْتَرِي وبهذا قال مالِكٌ، واللَّيْثُ، والشَّافِعِيُّ. وقال ابنُ أبي ليلى: هى لِلْمُشْتَرِى في الحَالَيْنِ؛ لأنَّها مُتَّصِلَةٌ بالأصْلِ (٥) اتِّصالَ خِلْقَةٍ، فكانت تابعَةً له، كالأغْصانِ. وقال أبو حنيفةَ، والأوْزَاعِيُّ: هى لِلْبائِعِ في الحالَيْنِ (٦)؛ لأَنَّ هذا نماءٌ له حَدٌّ، فلم يَتْبَعْ أصْلَهُ في البَيْعِ، كالزَّرْعِ في الأرْضِ. ولنا، قولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من ابْتاعَ نَخْلًا بعدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فثَمَرَتُها للَّذِى بَاعَها، إلَّا أن يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ". مُتَّفَقٌ عليه (٧). وهذا صَريحٌ في رَدِّ قولِ ابنِ أبى (٨) ليلى، وحُجَّةٌ على أبى حنيفةَ والأوْزَاعِيِّ بمَفْهُومِهِ، لأنَّه جَعَلَ التَّأْبيرَ حَدًّا لمِلْكِ البائِعِ للثَّمَرَةِ، فيكونُ ما قبلَه لِلْمُشْتَرى، وإلَّا لم يَكُنْ حَدًّا، ولا كان ذِكْرُ التَّأْبيرِ مُفيدًا. ولأنَّه نَماءٌ كامِنٌ لِظُهُورِهِ غايَةٌ، فكان تابِعًا لأَصْلِه قبلَ ظُهورِه، وغيرَ تابِعٍ له بعدَ ظُهورِه، كالحَمْلِ في الحَيَوانِ. فأمَّا الأَغْصانُ، فإنَّها تَدْخُلُ في اسْمِ النَّخْلِ، وليس لانْفِصالِها غايَةٌ، والزَّرْعُ ليس من نَماءِ الأَرْضِ، وإنَّما هو مُودَعٌ فيها.

الفصل الثانى: أنَّه مَتَى اشْتَرَطَها أحَدُ المُتَبايِعَيْنِ، فهى له، مُؤَبَّرَةً كانت أو غيرَ مُؤَبَّرَةٍ، البائِعُ فيه والمُشْتَرِى سَواءٌ. وقال مالِكٌ: إنِ اشْتَرَطَها المُشْتَرى بعد التَّأْبيرِ، جازَ؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ شِرائِها مع أَصْلِها، وإنِ اشْتَرَطَها البائِعُ قبلَ (٩) التَّأْبيرِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّ اشْتِراطَه لها بمَنْزِلَةِ شِرائِه لها قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها بِشَرْطِ تَرْكِها. ولنا، أنَّه اسْتَثْنَى بعضَ ما وَقَعَ عليه العَقْدُ وهو مَعْلومٌ، فصَحَّ، كما لو باعَ حائِطًا، واسْتَثْنَى نَخْلَةً بِعَيْنِها. ولأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نَهَى عن الثُّنْيَا (١٠)، إلَّا أن تُعْلَمَ (١١). ولأنَّه أحَدُ


(٥) في الأصل: "الأصل".
(٦) في الأصل: "الحال".
(٧) تقدم تخريجه في صفحة ٢١.
(٨) سقط من: م.
(٩) في الأصل: "بعد".
(١٠) الثنيا، بضم المثلثة: كل ما استثنيته.
(١١) أخرجه أبو داود، في: باب في المخابرة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٣٥. والترمذى، في: =

<<  <  ج: ص:  >  >>