للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسَمِّ كَيْلًا، فلا بَأْسَ أن يُشْرِكَ فيها، ويَبِيعَ ما شاءَ، إلَّا أن يكونَ بينهما كَيْلٌ، فلا يُوَلِّى حتَّى يُكالَ عليه. ونحوَ هذا قال مالِكٌ، فإنَّه قال: ما بيعَ من الطَّعامِ (٥) مُكايَلَةً، أو مُوازَنَةً، لم يَجُزْ بَيْعُه قبلَ (٦) قَبْضِه، وما بِيعَ مُجازَفَةً، أو بيعَ من غيرِ الطَّعامِ مُكايَلَةً، أو مُوازَنَةً، جَازَ بَيْعُه قبل قَبْضِه. ووجه ذلك، ما رَوَى الأَوْزاعِيُّ، عن الزُّهْرِيِّ، عن حَمْزَةَ بن عبدِ اللهِ بن عمرَ، أَنَّه سَمِعَ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ يقول: مَضَتِ السُّنَّةُ أنَّ ما أدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا، فهو من مالِ المُبْتَاعِ. رَواهُ البخارىُّ (٧)، عن ابنِ عمرَ من قولِه تَعْليقًا. وقولُ الصَّحَابِيِّ مَضَتِ السُّنَّةُ. يقتضى سُنَّةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. ولأنَّ المَبيعَ المُعَيَّنَ لا يَتَعَلَّقُ به [حَقُّ تَوْفِيَتِه] (٨)، فكان من مالِ المُشْتَرِى، كغيرِ المَكيلِ والمَوْزونِ. ونُقِلَ عن أحمدَ، أنَّ المَطْعومَ لا يَجوزُ بَيْعُه قبلَ قَبْضِه، سواءٌ كانَ مَكيلًا، أو مَوْزُونًا، أو لم يكُنْ. وهذا يَقْتَضِى أنَّ الطَّعامَ خاصَّةً لا يَدْخُلُ فى ضَمانِ المُشْتَرِى حتَّى يَقْبِضَهُ، فإنَّ التِّرْمِذِىَّ رَوَى عن أحمدَ، أنَّه أرْخَصَ فى بَيْعِ ما لا يُكالُ ولا يُوزَنُ ممَّا لا يُؤْكَلُ ولا يُشْرَبُ قبل قَبْضِه. وقال الأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أبا عبدِ اللهِ عن قولِهِ: نَهَى عن رِبْحِ ما لم يُضْمَنْ (٩). قال: هذا فى الطَّعامِ وما أشْبَهَه من مَأْكُولٍ أو مَشْرُوبٍ، فلا يَبيعُه حتَّى يَقْبِضَهُ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: الأصَحُّ عن أحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أنَّ الذى يُمْنَعُ من بَيْعِه [قبلَ قَبْضِهِ] (١٠) هو الطَّعام؛ وذلك لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعِ الطَّعامِ قَبلَ قَبْضِهِ (١١). فمَفْهومُهُ


(٥) فى الأصل: "طعام".
(٦) فى م: "على".
(٧) هو الذى تقدَّم.
(٨) فى الأصل: "حتَّى توفيه".
(٩) أخرجه ابن ماجه، فى: باب النهى عن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٣٨.
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) أخرجه البخارى، فى: ما يذكر فى بيع الطعام والحكرة، وباب بيع الطعام قبل أن يقبض. . .، من كتاب البيوع. صحيح البخارى ٣/ ٨٩، ٩٠. ومسلم، فى: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، من كتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>