للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَنْعَةٍ، أو لَبَنٍ، أو أنَّها تَحِيضُ، أو يَشْتَرِطَ فى الدَّابَّةِ أنَّها هِمْلاجَةٌ (٢٦)، أو فى الفَهْدِ أنَّه صَيُودٌ، وما أشْبَه هذا. فمتى بانَ خِلافُ ما اشْتَرَطَه (٢٧)، فله الخِيارُ فى الفَسْخِ، والرُّجُوعُ بالثَّمَنِ، أو الرِّضا به، ولا شىءَ له. لا نَعْلَمُ بينهم فى هذا خِلافًا؛ لأنَّه شَرَطَ وَصْفًا مَرْغُوبًا فيه، فصارَ بالشَّرْطِ مُسْتَحِقًّا. فأمَّا إن شرطَ صِفَةً غيرَ مَقْصُودَةٍ، فبانَتْ بخِلافِها، مثلَ أن يَشْتَرِطَها سَبِطَةً (٢٨) فبانَتْ جَعْدَةً، أو جاهِلَةً، فبانَتْ عالِمةً، فلا خِيارَ له؛ لأنَّه زادَهُ خَيْرًا. وإن شرَطَها كافِرَةً فبانَتْ مُسْلِمَةً، أو ثَيِّبًا، فبانَتْ بِكْرًا، فله الخِيارُ؛ لأنَّ فيه قَصْدًا صَحِيحًا، وهو أنَّ طالِبَ الكافِرَةِ أكْثَرُ؛ لِصَلاحِيَتِها لِلْمُسْلِمِينَ وغيرِهم، أو لِيَسْتَرِيحَ من تَكْلِيفِها العِباداتِ. وقد يَشْتَرِطُ الثَّيِّبَ؛ لِعَجْزِه عن البِكْرِ، أو لِيَبِيعَها لِعاجِزٍ عن البِكْرِ. فقد فات قَصْدُه. وقيل: لا خِيارَ له؛ لأنَّ هذين زِيادَةٌ، وهو قول الشَّافِعِىِّ فى البِكْرِ، واخْتِيارُ القاضى. واسْتَبْعدَ كونَه يَقصدُ الثُّيُوبَةَ، لِعَجْزِه عن البِكْرِ، وليس هذا بِبَعِيدٍ، فإنَّه مُمْكِنٌ، والاشْتِراطُ يَدُلُّ عليه، فيَصِيرُ بالدَّلِيلِ قريبًا. وإنْ شَرَطَ الشَّاةَ لَبُونًا، صَحَّ، وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لا يجوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ فى الضَّرْعِ، فلم يَجُزْ شَرْطُهُ. ولَنا، أنَّه أمْرٌ مَقْصُودٌ يَتَحَقَّقُ فى الحَيَوانِ، ويَأْخُذُ قِسْطًا من الثَّمَنِ، فصَحَّ اشْتِراطُه، كالصِّناعَةِ فى الأمَةِ، والهَمْلَجَةِ فى الدَّابَّةِ. وإنَّما لم يَجُزْ بَيْعُه مُفْرَدًا (٢٩)؛ للجَهالَةِ، والجَهالةُ تَسْقُطُ فيما كان تَبَعًا (٣٠)، وكذلك لو اشْتَراهَا بغير شَرْطٍ، صَحَّ بَيْعُها معه، وكذلك يَصِحُّ بَيْعُ أساساتِ الحِيطانِ والنَّوَى فى التَّمْرِ معه، وإن لم يَجُزْ بَيْعُهما (٣١) مُفْرَدَيْنِ. وإن شَرَطَ أنَّها تَحْلُبُ كلَّ يومٍ قَدْرًا مَعْلُومًا، لم يَصِحَّ؛ لِتَعَذُّرِ الوَفاءِ به؛ لأنَّ اللَّبَنَ يَخْتَلِفُ، ولا يُمْكِنُ ضَبْطُه. وإن شَرَطَها غَزِيرَةَ


(٢٦) أى: حسنة السير فى سرعة وتبختر.
(٢٧) فى الأصل: "شرطه".
(٢٨) أى: شعرها مسترسل لا جعودة فيه.
(٢٩) فى الأصل: "منفردا".
(٣٠) فى النسخ: "بيعا". ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٣١) فى م: "بيعها".

<<  <  ج: ص:  >  >>