أن يَتَصَدَّقْنَ على أَزْوَاجِهِنَّ، وأَيْتَامٍ لَهُنَّ؟ فقال:"نَعَمْ"(٩). ولم يَذْكُرْ لهن هذا الشَّرْطَ، ولأنَّ من وَجَبَ دَفْعُ مَالِه إليه لِرُشْدٍ، جَازَ له التَّصَرُّفَ فيه من غير إذْنٍ، كالغُلام، ولأنَّ المرأةَ من أهْلِ التَّصَرُّفِ، ولا حَقَّ لِزَوْجِها فى مَالِها، فلم يَمْلِك الحَجْرَ عليها فى التَّصَرُّفِ بِجَمِيعِه، كأُخْتِها. وحَدِيثُهُم ضَعِيفٌ، وشُعَيْبٌ لم يُدْرِكْ عبدَ اللَّه بنَ عَمْرٍو، فهو مُرْسَلٌ. وعلى أنَّه مَحْمُولٌ على أنَّه لا يجوزُ عَطِيَّتُها لِمالِه بغيرِ إذْنِه، بِدَلِيلِ أَنَّه يَجُوزُ عَطِيَّتها ما دُونَ الثُّلُثِ من مَالِها، وليس معهم حَدِيثٌ يَدُلُّ على تَحْدِيدِ المَنْعِ بالثُّلُثِ، فالتَّحْدِيدُ بذلك تَحَكُّمٌ ليس فيه تَوْقِيفٌ، ولا عليه دَلِيلٌ. وقِياسُهم على المريضِ غيرُ صَحِيحٍ، لِوُجُوهٍ؛ أحَدِها، أنَّ المَرَضَ سَبَبٌ يُفْضِى إلى وُصُولِ المالِ إليهم بالمِيرَاثِ، والزَّوْجِيَّةُ إنَّما تَجْعَلُهُ من أهْلِ المِيرَاثِ، فهى أحَدُ وَصْفَىِ العِلَّةِ، فلا يَثْبُتُ الحُكْمُ بمُجَرَّدِها، كما لا يَثْبُتُ للمرأةِ الحَجْرُ على زَوْجِها، ولا لِسائِرِ الوُرَّاثِ بدونِ المَرَضِ. الثاني، أنَّ تَبَرُّعَ المَرِيضِ مَوْقُوفٌ، فإن بَرِىءَ من مَرَضِهِ، صَحَّ تَبَرُّعُهُ، وهاهُنا أَبْطَلُوه على كُلِّ حالٍ، والفَرْعُ لا يَزِيدُ على أصْلِه. الثالث، أنَّ ما ذَكَرُوه مُنْتَقِضٌ بالمرأةِ، فإنَّها تَنْتَفِعُ بمالِ زَوْجِها وتَتَبَسَّطُ فيه عادَةً، ولها النَّفَقَةُ منه، وانْتِفاعُها بمَالِه أكْثَرُ من انْتِفَاعِه بمَالِها، وليس لها الحَجْرُ عليه، وعلى أنَّ هذا المَعْنَى ليس بمَوْجُودٍ فى الأصْلِ، ومن شَرْطِ صِحَّةِ القِيَاسِ وُجُودُ المَعْنَى المُثْبِتِ لِلْحُكْمِ فى الأصْلِ والفَرْعِ جَمِيعًا.
(٩) تقدَّم تخريجه عند البخارى، فى: ٤/ ١٠١.كما أخرجه البخارى، فى: باب العرض في الزكاة، وباب الزكاة على الزوج والأيتام. . .، من كتاب الزكاة. صحيح البخارى ٢/ ١٤٤، ١٥٠. ومسلم، فى: باب فضل النفقة والصدقة. . .، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٦٩٥. والترمذى، فى: باب ما جاء فى زكاة الحلى، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى ٣/ ١٢٩. والنسائى، فى: باب الصدقة على الأقارب، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٦٩. وابن ماجه، فى: باب الصدقة على ذى قرابة، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه ١/ ٥٨٧. والدارمى، فى: باب أى الصدقة أفضل، من كتاب الزكاة. سنن الدارمى ١/ ٣٨٩. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٣٧٦، ٣/ ٥٠٢، ٦/ ٣٦٣.