للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا المُعَاوَضَةُ، فهو أن يَعْتَرِفَ له بِعَيْنٍ فى يَدِه، أو دَيْنٍ فى ذِمَّتِه، ثم يَتَّفِقان على تَعْوِيضِه عن ذلك بما يجوزُ تَعْوِيضُه به، وهذا ثَلَاثَةُ أضْرُبٍ؛ أحدها، أن يَعْتَرِفَ له بأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، فَيُصَالِحَه [على] الآخرِ، نحوُ أن يَعْتَرِفَ له بمائَةِ دِرْهَمٍ، فَيُصَالِحَهُ منها بِعَشرَةِ دَنَانِيرَ، أو يَعْتَرِفَ له بِعَشرَةِ دَنَانِيرَ، فَيُصَالِحَه على مائَةِ دِرْهَمٍ، فهذا صَرْفٌ، يُشْتَرَطُ له شُرُوطُ الصَّرْفِ، من التَّقَابُضِ فى المَجْلِسِ ونحوِه. الثانى، أن يَعْتَرِفَ له بِعُرُوضٍ، فيُصَالِحَه على أَثْمَانٍ، أوْ بِأَثْمَانٍ، فيُصَالِحَه على عُرُوضٍ، فهذا بَيْعٌ يَثْبُتُ فيه أحْكَامُ البَيْعِ. وإن اعْتَرَفَ له بِدَيْنٍ، فصَالَحَه على مَوْصُوفٍ فى الذِّمَّةِ، لمْ يَجُزِ التَّفَرُّقُ قبْلَ القَبْضِ؛ لأنَّه بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. الثالثُ. أن يُصَالِحَهُ على سُكْنَى دَارٍ، أو خِدْمَةِ عَبْدٍ، ونحوِه، أو على أن يَعْمَلَ له عَمَلًا مَعْلُومًا، فيكونُ ذلك إِجَارَةً، لها حُكْمُ سَائِرِ الإِجَارَاتِ، وإذا أُتْلِفَ (٥) الدَّارُ أو العَبْدُ قبلَ اسْتِيفَاءِ شىءٍ من المَنْفَعَةِ، انْفَسَخَتِ الإِجَارَةُ، ورَجَعَ بما صَالَحَ عنه. وإن تَلِفَتْ (٦) بعد اسْتِيفَاءِ شَىءٍ من المَنْفَعَةِ، انْفَسَخَتْ فيما بَقِىَ من المُدَّةِ، ورَجَعَ بِقِسْطِ ما بَقِىَ. ولو صَالَحَهُ على أن يُزَوِّجَهُ جَارِيَتَهُ، وهو ممَّن يجوزُ له نِكَاحُ الإِمَاءِ، صَحَّ. وكان المُصَالَحُ عنه صَدَاقَهَا (٧)، فإن انْفَسَخَ النِّكَاحُ قبل الدُّخُولِ بِأَمْرٍ يُسْقِطُ الصَّدَاقَ، رَجَعَ الزَّوْجُ بما صَالَحَ عنه، وإن طَلَّقَها قبلَ الدُّخُولِ، رَجَعَ بِنِصْفِهَا، وإن كان المُعْتَرِفُ امْرأَةً، فصَالَحَتِ المُدَّعِى على أن تُزَوِّجَهُ نَفْسَهَا، جَازَ. ولو كان المُعْتَرَفُ به عَيْبًا فى مَبِيعِها، فصَالَحَتْهُ على نِكَاحِهَا، صَحَّ. فإن زَالَ العَيْبُ، رَجَعَتْ بِأَرْشِه؛ لأنَّ ذلك صَدَاقُها، فرَجَعَتْ به، لا بِمَهْرِ مِثْلِهَا. وإن لم يَزُلِ العَيْبُ، لكن انْفَسَخَ نِكَاحُها بما يُسْقِطُ صَدَاقَها، رَجَعَ عليها بِأَرْشِهِ.


(٥) فى ب: "أتلفت".
(٦) فى ب: "تلف".
(٧) فى ب: "صداقا".

<<  <  ج: ص:  >  >>