للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الحُدُودُ، فإذا دَخَلَتْ في التَّوْكِيلِ بِطَرِيقِ العُمُومِ، وَجَبَ أن تَدْخُلَ بالتَّخْصِيصِ بها أَوْلَى، والوَكِيلُ يَقُومُ مُقَامَ المُوَكِّلِ في دَرْئِها بالشُّبُهاتِ. وأمَّا العِباداتُ، فما كان منها له تَعَلُّقٌ بالمالِ، كالزَّكَاةِ والصَّدَقاتِ والمَنْذُورَاتِ والكَفَّارَاتِ، جَازَ التَّوْكِيلُ في قَبْضِها وتَفْرِيقِها، ويجوزُ لِلْمُخْرِجِ التَّوْكِيلُ في إِخْرَاجِها ودَفْعِها إلى مُسْتَحِقِّها. ويجوزُ أن يقولَ لغيرِه: أَخْرِجْ زَكَاةَ مالِى من مالِكَ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعَثَ عُمَّالَهُ لِقَبْضِ الصَّدَقاتِ وتَفْرِيقِها، وقال لِمُعَاذٍ حين بَعَثَهُ إلى اليَمَنِ: "أَعْلِمْهُم أنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِم، فَتُرَدُّ فِي (١٤) فُقَرَائِهِم، فإنْ هُمْ أطَاعُوكَ (١٥) بِذلِكَ، فَإيَّاكَ وكَرَائِمَ أَمْوَالِهِم، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فإنَّهُ لَيْسَ بَيْنَها (١٦) وَبيْنَ اللهِ حِجَابٌ". مُتَّفَقٌ عليه (١٧). ويجوزُ التَّوْكِيلُ في الحَجِّ إذا أَيِسَ المَحْجُوجُ عنه من الحَجِّ بِنَفْسِه، وكذلك العُمْرَة. ويجوزُ أن يُسْتَنَابَ مَن يَحُجُّ عنه بعد المَوْتِ. وأما العِبادَاتُ البَدَنِيَّةُ المَحْضَةُ، كالصلاةِ والصيامِ والطَّهارَةِ من الحَدَثِ، فلا يَجوزُ التَّوْكِيلُ فيها؛ لأنَّها تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَن هي عليه، فلا يَقُومُ غيرُه مَقامَه فيها، إلَّا أنَّ الصِّيامَ المَنْذُورَ يُفْعَلُ عن المَيِّتِ، وليس ذلك بِتَوْكِيلٍ؛ لأنَّه لم يُوَكِّلْ في ذلك، ولا وَكَّلَ فيه غيرُه. ولا يجوزُ في الصلاةِ إلَّا في رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ تَبَعًا لِلْحَجِّ. وفي فِعْلِ الصَّلَاةِ المَنْذُورَةِ، [وفى الاعْتِكافِ] (١٨)


(١٤) في الأصل، م: "على".
(١٥) في أ: "أطاعوا لك".
(١٦) في الأصل: "بينه".
(١٧) أخرجه البخاري، في: باب وجوب الزكاة، وباب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا، من كتاب الزكاة، وفى: باب بعث أبى موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع، من كتاب المغازى. صحيح البخاري ٢/ ١٣٠، ١٥٨، ١٥٩، ٥/ ٢٠٥، ٢٠٦. ومسلم، في: باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإِسلام، من كتاب الإِيمان. صحيح مسلم ١/ ٥٠.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود ١/ ٣٦٦. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية أخذ خيار المال في الصدقة، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى ٣/ ١١٦. والنسائي، في: باب وجوب الزكاة، وباب إخراج الزكاة من بلد إلى بلد، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٣، ٤١. وابن ماجه، في: باب فرض الزكاة، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه ١/ ٥٦٨. والدارمى، في: باب في فضل الزكاة، من كتاب الزكاة. سنن الدارمي ١/ ٣٧٩. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٣٣.
(١٨) في الأصل: "والاعتكاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>