للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُقْبَلْ، فإذا لم يُقْبَلْ إقْرَارُ العَبْدِ مُنْفَرِدًا فكيف يُقْبَلُ مع (١٧) [مُعَارَضَتِه لإِقْرَارِ] (١٨) السَّيِّدِ. ولو قُبِلَ إقْرَارُ العَبْدِ، لَما قُبِلَ إقْرَارُ السَّيِّدِ، كالحَدِّ وجِنَايَةِ العَمْدِ. وأمَّا المُكَاتَبُ فحُكْمُه حُكْمُ الحُرِّ في صِحَّةِ إقْرَارِه. ولو أقَرَّ بجِنَايَةِ خَطَأ صَحَّ إقْرَارُه، فإن عَجَزَ بِيعَ فيها إن لم يَفْدِهِ سَيِّدُه. وقال أبو حنيفةَ: يُسْتَسْعَى في الكِتابَةِ، وإن عَجَزَ بَطلَ إقْرَارُه بها، سَوَاءٌ قُضِىَ بها أو لم يُقْضَ. وعن الشّافِعِىّ كقَوْلِنا. وعنه أنَّه مُرَاعًى إن أَدَّى لَزِمَهُ، وإن عَجَزَ بَطلَ. ولَنا، أنَّه إقْرَارٌ لَزِمَه (١٩) في كِتَابَتِه، فلا يَبْطُلُ بعَجْزِه، كالإِقْرَارِ بالدَّيْنِ. وعلى الشّافِعِىِّ، أنَّ المُكَاتَبَ في يَدِ نَفْسِه، فصَحَّ إقْرَارُه بالجِنَايَةِ، كالحُرِّ.

فصل: ويَصِحُّ الإِقْرارُ لكلِّ مَن يَثْبُتُ له الحَقُّ. فإذا أُقِرَّ لِعَبْدٍ (٢٠) بِنِكَاحٍ أو قِصَاصٍ أو تَعْزِيرِ القَذْفِ، صَحَّ الإِقْرَارُ له، صَدَّقَهُ المَوْلى أو كَذَّبَهُ؛ لأنَّ الحَقَّ له دون سَيِّدِه. وله المُطَالَبَةُ بذلك، والعَفْوُ عنه، وليس لِسَيِّدِه مُطَالَبَةٌ (٢١) به ولا عَفْوٌ. وإن كَذَّبَهُ العَبْدُ، لم يقْبَلْ. وإن أُقِرَّ له بمالٍ، صَحَّ، ويكونُ لِسَيِّدِه؛ لأنَّ يَدَ العَبْدِ كيَدِ سَيِّدِه. وقال أصْحابُ الشّافِعِىِّ: إن قُلْنا: يَمْلِكُ المالَ. صَحَّ الإِقْرَارُ له. وإن قُلْنا: لا يَمْلِكُ. كان الإِقْرارُ لِمَوْلاهُ، يَلْزَمُ بِتَصْدِيقِه ويَبْطُلُ بِرَدِّه. وإن أَقَرَّ لِبَهِيمَةٍ أو دارٍ، لم يَصِحَّ إِقْرَارُه لها، وكان باطِلًا؛ لأنَّها لا تَمْلِكُ المالَ مُطْلَقًا، ولا يَدَ لها. وإن قال: علَىَّ بِسَبَبِ هذه البَهِيمَةِ. لم يكُنْ إِقْرَارًا لأَحَدٍ، ولأنَّه لم يَذْكُرْ لِمَنْ هي، ومِن شَرْطِ صِحَّةِ الإِقْرَارِ ذِكْرُ المُقَرِّ له. وإن قال: لِمَالِكِها أو لِزَيْدٍ علَىَّ بِسَبَبِها ألْفٌ. صَحَّ الإِقْرَارُ. وإن قال: بِسَبَبِ حَمْلِ هذه البَهِيمَةِ. لم يَصِحَّ، إذ لا يُمْكِنُ إِيجابُ شَىْءٍ بِسَبَبِ الحَمْلِ.

فصل: وإن أقَرَّ لِحَمْلِ امْرَأَةٍ بمالٍ، وعَزَاهُ إلى إِرْثٍ أو وَصِيَّةٍ، صَحَّ، وكان


(١٧) في الأصل: "في".
(١٨) في أ، ب: "معارضة إقرار".
(١٩) سقط من: م.
(٢٠) في أ: "للعبد".
(٢١) في أ، ب، م: "مطالبته".

<<  <  ج: ص:  >  >>