للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْسَكِ وامْتَشِطِى". ولابْنِ مَاجَه (١٢): "انْقُضِى شَعْرَكِ واغْتَسِلِى". ولأنَّ الأصلَ وجوبُ نَقْضِ الشَّعَرِ ليتحقَّقَ وصولُ الماءِ إلى ما يجبُ غَسْلُه، فعُفِىَ عنه في غُسْلِ الجنابةِ؛ لأنَّه يكثر فيشُقُّ ذلك فيه، والحيضُ بخلافِه، فَبَقِىَ على مُقْتَضَى الأصلِ في الوجوبِ. وقال بعضُ أصحابِنا: هذا مُسْتَحَبٌّ غيرُ واجبٍ. وهو قولُ أكثرِ الفقهاءِ، وهو الصحيحُ، إن شاء اللهُ؛ لأنَّ في بعضِ ألفاظِ حديثِ أُمِّ سَلَمَة، أنَّها قالتْ للنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنِّي امْرَأَةٌ أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أفَأَنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ ولِلْجنابةِ؟ فقال: "لَا، إنَّما يَكْفِيكِ أن تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاثَ حَثَياتٍ، ثم تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الماءَ، فَتَطْهُرِينَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١٣). وهذه زيادةٌ يجبُ قَبُولُهَا، وهذا صريحٌ في نَفْيِ الوُجُوبِ، ورَوَتْ أَسْماءُ، أنَّها سألت النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن غُسْلِ المَحِيضِ، فقال: "تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ ماءَهَا وسِدْرَتَهَا (١٤) فَتَطَهَّرُ فتُحْسِن الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِها، فَتَدْلُكُه دَلْكًا شَدِيدًا، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِها، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ". رواهُ مُسْلِمٌ (١٥). ولو كان النَّقْضُ واجبًا لذَكره؛ لأنَّهُ لا يجوزُ تأخيرُ البيانِ عن وقتِ الحاجةِ، ولأنَّهُ مَوْضِعٌ مِن البَدَنِ، فاسْتَوَى فيه الحَيْضُ والجَنَابَةُ، كسائرِ البدنِ،


= ٢/ ٨٧٠ - ٨٧٢. وأبو داود، في: باب في إفراد الحج. سنن أبي داود ١/ ٤١٢. والنسائي، في: باب ذكر الأمر بنقض ضفر الرأس عند الاغتسال للإِحرام، من كتاب الطهارة. وفي: باب في المهلة بالعمرة تحيض وتخاف فوت الحج، من كتاب الحج. المجتبى ١/ ١٠٩، ٥/ ١٢٩. وابن ماجه، في: باب العمرة من التنعيم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٩٨. والإِمام مالك، في: باب دخول الحائض مكة، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٤١٠، ٤١١، والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٦٤، ١٧٧، ١٩١، ٢٤٦. وهو طرف من الحديث الآتي: "دعى عمرتك. . .".
(١٢) أخرجه ابن ماجه، في: باب في الحائض كيف تغتسل، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ٢١٠.
(١٣) في: باب حكم ضفائر المغتسلة، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٦٠. وتقدم تخريجه باللفظ الأول، في صفحة ٢٩٠.
(١٤) في م: "وسدرها".
(١٥) في: باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٦١. كما أخرجه أبو داود، في: باب الاغتسال من الحيض، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٧٥. وابن ماجه، في: باب في الحائض كيف تغتسل، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ٢١٠. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٤٧، ١٤٨. وشؤون الرأس: موصل قبائلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>