للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، مثل أن يُعِيرَه لَوْحًا يَرْقَعُ به سَفِينَتَهُ، فَرَقَعَها به، ولَجَّجَ بها في البَحْرِ، لم يَجُزِ الرُّجُوعُ ما دَامَتْ في البَحْرِ، وله الرُّجُوعُ قبلَ دُخُولِها في البَحْرِ، وبعدَ الخُرُوجِ منه؛ لِعَدَمِ الضَّرَرِ فيه. وإن أعَارَهُ أَرْضًا لِيَدْفِنَ فيها، فله الرُّجُوعُ ما لم يَدْفِنْ فيها. فإذا دَفَنَ لم يكُنْ له الرُّجُوعُ، ما لم يَبْلَ المَيِّتُ. وإن أعَارَهُ حَائِطًا لِيَضَعَ عليه أَطْرَافَ خَشَبِه، جَازَ، كما تجوزُ إعَارَةُ الأَرْضِ لِلْبِنَاءِ والغِرَاسِ، وله الرُّجُوعُ ما لم يَضَعْهُ، وبعدَ وَضْعِه ما لم يَبْنِ عليه؛ لأنَّه لا ضَرَرَ فيه، فإن بَنَى عليه، لم يَجُزِ الرُّجُوعُ؛ لما في ذلك من هَدْمِ البِنَاءِ. وإن قال: أنا أَدْفَعُ إليك أَرْشَ ما نَقَصَ بالقَلْعِ. لم يَلْزَمِ المُسْتَعِيرَ ذلك؛ لأنَّه إذا قَلَعَهُ انْقَلَعَ ما في مِلْكِ المُسْتَعِيرِ منه (٣٧). ولا يَجِبُ على المُسْتَعِيرِ قَلْعُ شَىءٍ من مِلْكِه بِضَمَانِ القِيمَةِ. وإن انْهَدَمَ الحائِطُ وزَالَ الخَشَبُ عنه، أو أزَالَهُ المُسْتَعِيرُ بِاخْتِيَارِه، لم يَمْلِكْ إعَادَتَهُ، سواءٌ بَنَى الحائِطَ بآلَتِه أو بغيرِها؛ لأنَّ العارِيَّةَ لا تَلْزَمُ، وإنَّما امْتَنَعَ الرُّجُوعُ قبلَ انْهِدَامِه؛ لما فيه من الضَّرَرِ بالمُسْتَعِيرِ، بإِزالَةِ المَأْذُونِ في وَضْعِه، وقد زَالَ ذلك. وكذلك إذا سَقَطَ الخَشَبُ والحائِطُ بحَالِه. وإن أعَارَهُ أَرْضًا لِزِرَاعَةِ شيءٍ، فله الرُّجُوعُ ما لم يَزْرَعْ، فإذا زَرَعَ لم يَمْلِكِ (٣٨) الرُّجُوعَ فيها إلى أن يَنْتَهِىَ الزَّرْعُ. فإن بَذَلَ له قِيمَةَ الزَّرْعِ لِيَمْلِكَه، لم يكُنْ له ذلك. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ له وَقْتًا يَنْتَهِى إليه. فإن كان ممَّا يُحْصَدُ قَصِيلًا (٣٩)، فله الرُّجُوعُ في وَقْتِ إِمْكَانِ حَصَادِه؛ لِعَدَمِ الضَّرَرِ فيه، وإن لم يكُنْ كذلك، لم يكُن له الرُّجُوعُ حتى يَنْتَهِىَ. وإن أَذِنَ له في البِنَاءِ والغِرَاسِ فيها، فله الرُّجُوعُ قبلَ قَلْعِه. فإذا غَرَسَ وَبنَى، فلِلْمَالِكِ الرُّجُوعُ فيما بين الغِرَاسِ والبِنَاءِ؛ ولأنَّه لم يَتَعَلَّقْ به مِلْكُ المُسْتَعِيرِ، ولا ضَرَرَ عليه في الرُّجُوعِ فيه (٤٠)، فأشْبَهَ ما لو لم يَبْنِ في الأَرْضِ شيئا، ولم يَغْرِسْ فيها. ثم إن اخْتَارَ المُسْتَعِيرُ أَخْذَ بِنَائِه وغِرَاسِه، فله


(٣٧) في الأصل: "من ذلك".
(٣٨) في ب: "يكن له".
(٣٩) أي مرة بعد أخرى.
(٤٠) سقط من: ب. وفى الأصل، م: "منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>