للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك؛ لأنَّه مِلْكُه فمَلَكَ نَقْلَه. [ولا يَلْزَمُه] (٤١) تَسْوِيَةُ الحَفْرِ. ذَكَرَهُ القَاضى؛ لأنَّ المُعِيرَ (٤٢) رَضِىَ بذلك حيث أعَارَه، مع عِلْمِه بأنَّ له قَلْعَ غَرْسِه. ويَحْتَمِلُ أنَّ عليه تَسْوِيَةَ الحَفْرِ؛ لأنَّ القَلْعَ باخْتِيَارِه، فإنَّه (٤٣) لو امْتَنَعَ منه لم يُجْبَرْ عليه، فلَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الأرضِ (٤٤)، كما لو خَرَّبَ أرْضَه التي لم يَسْتَعِرْهَا. وإن أَبَى القَلْعَ، فبَذَلَ له المُعِيرُ ما يَنْقُصُ بالقَلْعِ، أو قِيمَةَ غِرَاسِه وبِنَائِه قَائِمًا، لِيَأْخُذَه المُعِيرُ، أُجْبِرَ المُسْتَعِيرُ عليه؛ لأنَّه رُجُوعٌ في العارِيَّةِ من غير إِضْرَارٍ. وإن قال المُسْتَعِيرُ: أنا أدْفَعُ قِيمَةَ الأَرْضِ لِتَصِيرَ لي. لم يكُنْ له؛ لأنَّ الغِرَاسَ تابِعٌ، والأَرْضَ أَصْلٌ، ولذلك يَتْبَعُها الغِرَاسُ والبِنَاءُ في البَيْعِ، ولا تَتْبَعُهُما، وبهذا كلِّه قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفَةَ، ومالِكٌ: يُطَالِبُ المُسْتَعِيرَ بالقَلْعِ من غيرِ ضَمَانٍ، إلَّا أن يكونَ أعَارَهُ مُدَّةً مَعْلُومةً، فرَجَعَ (٤٥) فيها قبل انْقِضَائِها؛ لأنَّ المُعِيرَ لم يَغُرَّهُ، فكان عليه القَلْعُ، كما لو شَرَطَ عليه. ولَنا، أنَّه بَنَى وغَرَسَ بإِذْنِ المُعِيرِ، من غير شَرْطِ القَلْعِ، فلم يَلْزَمْهُ القَلْعُ من غيرِ ضَمَانٍ، كما لو طَالَبَهُ قبلَ انْقِضَاءِ الوَقْتِ. وقولُهم: لم يَغُرَّهُ. مَمْنُوعٌ؛ فإنَّ الغِرَاسَ والبِنَاءَ يُرَادُ للتَّبْقِيَة، وتَقْدِيرُ المُدَّةِ يَنْصَرِفُ إلى ابْتِدَائِه، كأنَّه قال له (٤٦): لا تَغْرِسْ بعدَ هذه المُدَّةِ. فإن امْتَنَعَ المُعِيرُ من دَفْعِ القِيمَةِ وأَرْشِ النَّقْصِ، وامْتَنَعَ المُسْتَعِيرُ (٤٧) من القَلْعِ ودَفْعِ الأَجْرِ (٤٨)، لم يُقْلَعْ؛ لأنَّ الإِعَارَةَ تَقْتَضِى الانْتِفَاعَ من غير ضَمَانٍ، والإِذْنُ فيما يَبْقَى على الدَّوَامِ وتَضُرُّ إِزَالَتُه رِضىً بالإِبْقَاءِ، وقولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِم حَقٌّ". يَدُلُّ بمَفْهُومِه على أن العِرْقَ الذي ليس بِظَالِمٍ له حَقٌّ، فعندَ ذلك، إن اتَّفَقَا على البَيْعِ،


(٤١) في م: "ويلزمه".
(٤٢) في الأصل، م: "المستعير".
(٤٣) في أ: "لأنه".
(٤٤) في م: "الحفر".
(٤٥) في الأصل، أ، ب: "فيرجع".
(٤٦) سقط من: أ.
(٤٧) في الأصل: "المفلس". وسقطت الكلمة من: م.
(٤٨) في م: "الأجرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>