للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رافِعٍ، قال: دَعَانِى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "ما تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُم؟ " قلتُ: نُؤَاجِرُها على الرُّبْعِ، أو على الأَوْسُقِ من التَّمْرِ أو الشَّعِيرِ. قال: "لا تَفْعَلُوا، ازْرَعُوهَا، أوْ أمْسِكُوهَا". مُتَّفَقٌ عليه (٣٠). ورَوَى أبو سَعِيدٍ قال: نَهَى رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المُحَاقَلَةِ (٣١). والمُحَاقَلَة: اسْتِكْرَاءُ الأرْضِ بالحِنْطَةِ. ولَنا، قولُ رافِعٍ: فأمَّا بشيءٍ مَعْلُومٍ مَضْمُونٍ فلا بَأْسَ به. ولأنَّه عِوَضٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ، لا يُتَّخَذُ وَسِيلةً إلى الرِّبَا، فجازَتْ إجَارَتُها به، كالأثْمانِ. وحَدِيثُ ظَهِيرِ [بن رافعٍ] (٣٢) قد سَبَقَ الكلامُ عليه في المُزَارَعةِ، على أنَّه يَحْتَمِلُ النَّهْىَ عن إجَارَتِها بذلك، إذا كان خارِجًا منها، ويَحْتَمِلُ النَّهْىَ عنه إذا آجَرَها بالرُّبْعِ والأَوْسُقِ. وحَدِيثُ أبى سَعِيدٍ يَحْتَمِلُ المَنْعَ من كِرَائِها بالحِنْطَةِ، إذا اكْتَراهَا لِزَرْعِ الحِنْطةِ. القسم الثاني، إجَارَتُها بطَعَامٍ مَعْلُومٍ، من جِنْسِ ما يَزْرَعُ (٣٣) فيها، كإجَارَتِها بِقُفْزَانِ حِنْطَةٍ لِزَرْعِها، فقال أبو الخَطَّابِ: فيها رِوَايَتانِ؛ إحْداهما، المَنْعُ. وهى التي ذَكَرَها القاضي مَذْهَبًا، وهى قولُ مالكٍ؛ لما تَقَدَّمَ من الأحَادِيثِ، ولأنَّها ذَريعَةٌ إلى المُزَارَعةِ عليها بشيءٍ مَعْلُومٍ من الخارِجِ منها، لأنَّه يَجْعلُ مكانَ قولِه زَارَعْتُكَ، آجَرْتُكَ، فتَصِيرُ مُزَارَعةً بِلَفْظِ الإِجَارَةِ، والذَّرَائِعُ مُعْتَبَرَةٌ. والثانية، جَوَازُ ذلك. اخْتَارَها أبو الخَطَّابِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ،


(٣٠) أخرجه البخاري، في: باب ما كان من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يواسى بعضهم بعضا في الزراعة والثمرة، من كتاب الحرث. صحيح البخاري ٣/ ١٤١. ومسلم، في: باب كراء الأرض بالطعام، من كتاب البيوع. صحيح مسلم ٣/ ١١٨٢.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما يكره من المزارعة، من كتاب الرهون. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٢١، ٨٢٢. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ١٤٣.
(٣١) تقدم في ٦/ ٢٩٩ تخريجه عند البخاري، وأخرجه مسلم، في: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، من كتاب البيوع. صحيح مسلم ٣/ ١١٦٨. وابن ماجه، في: باب كراء الأرض، من كتاب الرهون. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٢٠. والإِمام مالك، في: باب ما جاء في المزابنة والمحاقلة، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٢٥. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٨.
(٣٢) سقط من: ب.
(٣٣) في ب: "زرع".

<<  <  ج: ص:  >  >>