للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَنُونَا بَنُو أَبْنائِنَا وبَنَاتُنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الأبَاعِدِ

وقولُهم: إنَّهم أَوْلَادُ أَوْلَادٍ (٣٣) حَقِيقةً. قُلْنا: إلَّا أنَّهم لا يُنْسَبُونَ إلى الواقِفِ عُرْفًا، ولذلك لو قال: أَوْلَاد أوْلَادِى المُنْتَسِبِينَ إلىَّ. لم يَدْخُلْ هؤلاءِ في الوَقْفِ. ولأنَّ وَلَدَ الهاشِمِيّةِ من غير الهاشِمِىِّ ليس بِهَاشِمِىٍّ، ولا يُنْسَبُ إلى أبِيها. وأمَّا عيسى عليه السَّلَامُ، فلم يكُنْ له أبٌ يُنْسَبُ إليه، فنُسِبَ إلى أُمِّه لِعَدَمِ أبِيهِ، ولذلك يقال عيسى ابن مريمَ، وغيرُه إنما يُنْسَبُ إلى أبِيه، كيحيى بن زكريَّا. وقولُ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ ابْنِى هذَا سَيِّدٌ". تَجَوُّزٌ بغير خِلَافٍ، بِدَلِيلِ قولِ اللَّه تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٣٤). وهذا الخِلَافُ فيما إذا لم يُوجَدْ ما يَدُلُّ على تَعْيِينِ أحَدِ الأمْرَيْنِ، فأمَّا إن وُجِدَ ما يَصْرِفُ اللَّفْظَ إلى أحَدِهما، انْصَرَفَ إليه. ولو قال: على أوْلَادِى، وأَوْلَادِ أوْلَادِى، على أن لِوَلَدِ البَنَاتِ سَهْمًا، ولِوَلَدِ البَنِين سَهْمَيْنِ. أو: فإذا خَلَتِ الأرْضُ ممَّن يَرْجِعُ نَسَبُه إلىَّ من قِبَلِ أبٍ أو أُمٍّ، كان لِلْمَساكِينِ. أو كان البَطْنُ الأوّل من أوْلادِه المَوْقُوفُ عليهم كلُّهم بَنَاتٌ، وأشْباهُ هذا ممَّا يَدُلُّ على إرَادَةِ وَلَدِ البَنَاتِ بالوَقفِ، دَخَلُوا في الوَقْفِ. وإن قال: على أوْلَادِى، وأوْلَادِ أوْلَادِى المُنتَسِبِينَ إلىَّ، أو غير ذَوِى الأرْحَامِ، أو نحو ذلك. لم يَدْخُلْ فيه وَلَدُ البَنَاتِ. وإن قال: على وَلَدِى فُلَانٍ وفُلَانةَ وفُلَانةَ (٣٥)، وأَوْلَادِهم، دَخَلَ فيه وَلَدُ البَنَاتِ. وكذلك لو قال: على أنَّه مَن ماتَ مهم عن وَلَدِه فنَصِيبُه لِوَلَدِه. وإن قال الهاشِمِىُّ: وَقَفْتُ على أوْلَادِى، وأَوْلَادِ أولَادِى الهاشِمِيِّينَ. لم يَدْخُلْ في الوَقفِ من أوْلَادِ بَنَاتِه مَن كان غيرَ هاشِمِىٍّ. فأمَّا مَن كان هاشِمِيًّا من غيرِ أوْلَادِ بَنِيه، فهل يَدْخُلُونَ؟ على وَجْهَيْنِ؛ أُولاهما، أنَّهم يَدْخُلُونَ؛ لأنَّهم اجْتَمَعَ فيهم الصِّفَتَانِ جَمِيعًا، كَوْنُهم من أوْلَادِ أوْلَادِه، وكَوْنُهم هاشِمِيِّينَ. والثانى، لا يَدْخُلُونَ؛ لأنَّهم لم يَدْخُلُوا في مُطْلَقِ


(٣٣) في الأصل: "أولاده".
(٣٤) سورة الأحزاب ٤٠.
(٣٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>