للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذَكَرَها له، فقال عمرُ: هي لك، إنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَنَا بذلك. ورَوَه النَّسَائِىُّ كذلك (٢٢). وهذا نَصٌّ في غير الأَثْمانِ. ورَوَى الجُوزَجَانِىُّ، بإسْنادِه، عن الحُرِّ بن الصَّيَّاحِ (٢٣) قال: كنتُ عند ابنِ عُمَرَ بمَكَّةَ، إذ جاءَه رَجُلٌ. فقال: إنِّي وَجَدْتُ هذا البُرْدَ، وقد نَشَدْتُه وعَرَّفْتُه فلم يَعْرِفهُ أحَدٌ، وهذا يومُ التَّرْوِيَةِ، ويومُ يَتَفَرَّقُ الناسُ. فقال: إن شِئْتَ قَوَّمْتَه قِيمَة عَدْلٍ، ولَبِسْتَه، وكنتَ له ضَامِنًا، متى جاءَك صاحِبُه دَفَعْتَ إليه ثَمَنَه، وإن لم يَجِىءْ له طالبٌ فهو لك إن شِئتَ. ولأنَّ ما جازَ الْتِقَاطُه مُلِكَ بالتَّعْرِيفِ، كالأثْمانِ، وما حَكَوْهُ عن الصَّحَابةِ إن صَحَّ، فقد حَكَيْنَا عن عمرَ وابْنِه خِلَافَه. وقولُهم: إنَّها لُقَطَةٌ لا تُمْلَكُ في الحَرَمِ. مَمْنُوعٌ، ثم هو مَنْقُوضٌ بالأَثْمانِ، ولا يَصِحُّ قِيَاسُها على الإِبِلِ؛ لأنَّ معها حِذَاءَها وسِقَاءَها، تَرِدُ الماءَ، وتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حتى يأْتِيَها رَبُّها، ولا يُوجَدُ ذلك في غيرِها، ولأنَّ الإِبِلَ لا يجوزُ الْتِقَاطُها، فلا تُمْلَكُ به، وههُنا يَجوزُ الْتِقَاطُها، فتُمْلَكُ به، كالأثْمانِ. ثم إذا لم تُمْلَكْ في الحَرَمِ، لا تُمْلَكُ في الحِلِّ؛ وذلك لأنَّ الحَرَمَ مُيِّزَ بكَوْنِ لُقَطَته لا يَلْتَقِطُها إلَّا مُنْشِدٌ، ولهذا لم تُمْلَكِ الأثْمانُ بالْتِقَاطها فيه، فلا يَلْزَمُ أن لا (٢٤) تُمْلَكَ في مَوْضِعٍ لم يُوجَد المانِعُ فيه. وقولُهم: إنَّ النَّصَّ خاصٌّ في الأثْمانِ. قُلْنا: بل هو عامٌّ في كلِّ لُقَطَةٍ، فيَجِبُ العَمَلُ بِعُمُومِه، وإن وَرَدَ فيها نَصٌّ خاصٌّ، فقد رُوِى خَبَرٌ عامٌّ، فيُعْمَلُ بهما، ثم قد رَوَيْنا نَصًّا خاصًّا في العُرُوضِ، فيَجِبُ العَمَلُ به، كما وَجَبَ العَمَلُ بالخاصِّ في الأَثْمانِ، ثم


(٢٢) في م: "أيضًا".
ولعل هذا في السنن الكبرى.
كما أخرجه الطحاوي، في: باب اللقطة والضوال، من كتاب الإجارات. شرح معانى الآثار ٤/ ١٣٧، ١٣٨.
(٢٣) في النسخ: "الصباح". والتصويب من المشتبه ٤٠٦.
(٢٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>