للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْبانِىّ قال: قلتُ لعبدِ اللَّه بن مَسْعُودٍ: إنِّي أصَبْتُ عَبِيدًا أُبَّاقًا (٢٧). فقال: لك أجْرٌ وغَنِيمَةٌ. فقلت: هذا الأجْرُ، فما الغَنِيمَةُ؟ قال: من كلِّ رَأْسٍ أرْبَعِينَ دِرْهَمًا (٢٨). وقال أبو إسحاقَ (٢٩): أعْطَيْتُ الجُعْلَ في زَمَنِ مُعَاوِيةَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. وهذا يَدُلُّ على أنَّه مُسْتَفِيضٌ في العَصْرِ الأوّلِ. قال الخَلَّالُ: حَدِيثُ ابن مَسْعُودٍ أصَحُّ إسْنادًا. ورُوِى عن عمرَ بن عبد العزيزِ، أنَّه قال: إذا وَجَدَه على مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ، فله ثلاثةُ دَنَانِيرَ. وقال أبو حنيفةَ: إن رَدَّه من مَسِيرَةِ ثَلَاثَة أيامٍ، فله أرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وإن كان من دون ذلك، يُرْضَخُ له على قَدْرِ المكان الذي تَعَنَّى (٣٠) إليه. ولا فَرْقَ عند إمَامِنَا بين أن يَزِيدَ الجُعْلُ على قِيمَةِ العَبْدِ أو لا يَزِيدَ. وبهذا قال أبو يوسفَ ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان قَلِيلَ القِيمَةِ نَقَصَ الجُعْلَ عن (٣١) قِيمَتِه دِرْهَمًا، لئَلَّا يَفُوتَ عليه العَبْدُ جَمِيعُه. ولَنا، عُمُومُ الدَّلِيلِ، ولأنَّه جُعْلٌ يُسْتَحَقُّ في رَدِّ الآبِقِ، فاسْتَحَقَّه وإن زَادَ على قِيمَتِه، كما لو جَعَلَه له صاحِبُه، ويَسْتَحِقُّه إن ماتَ سَيِّدُه (٣٢) في تَرِكَتِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال أبو يوسفَ: إن كان الذي رَدَّه من وَرَثَةِ المولى، سَقَطَ الجُعْلُ. ولَنا، أنَّ هذا عِوَضٌ عن عَمَلِه، فلا يَسْقُطُ بالمَوْتِ، كالأجْرِ في الإِجَارَةِ، وكما لو كان من غيرِ وَرَثَةِ المَوْلَى. إذا ثَبَتَ هذا، فلا فَرْقَ بين كَوْنِ مَنْ رَدَّه مَعْرُوفًا بِرَدِّ الأُبَّاقِ أو لم يكُنْ. وبهذا قال أصْحابُ الرَّأْىِ. وقال مالِكٌ: إن كان مَعْرُوفًا بذلك، اسْتَحَقَّ الجُعْلَ، وإلَّا فلا. ولنا الخَبَرُ، والأثَرُ المَذْكُورُ من غيرِ تَفْرِيقٍ، ولأنَّه رَدَّ آبِقًا، فاسْتَحَقَّ الجُعْلَ، كالمَعْرُوفِ بِرَدِّهِم.


(٢٧) في م: "أبق".
(٢٨) أخرجه ابن أبي شيبة، في كتاب البيوع والأقضية. المصنف ٦/ ٥٤١. وعبد الرزاق، في: باب الجعل في الآبق، من كتاب البيوع. المصنف ٨/ ٢٠٨.
(٢٩) لعله يعنى السبيعى عمرو بن عبد اللَّه. انظر ترجمته في التهذيب ٨/ ٦٣.
(٣٠) في الأصل: "يعني", وفي م: "لمعنى".
(٣١) في م: "من".
(٣٢) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>