للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رسولَ اللَّه: أيُّ الصَّدَقةِ أَفْضَلُ؟ [قال: "أنْ تَصَدَّقَ وأنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ"] (٧). الرابع، أنَّه يُزَاحِمُ بها الوَصَايَا في الثُّلُثِ. الخامس، أنَّ خُرُوجَها من الثُّلُثِ مُعْتَبَرٌ حالَ المَوْتِ، لا قَبْلَه ولا بَعْدَه. ويُفَارِقُ الوَصِيَّةَ في سِتَّةِ أشْياء؛ أحدها، أنَّها لازِمَةٌ في حَقِّ المُعْطِى ليس له الرُّجُوعُ فيها. وإن كَثُرَتْ، لأنَّ المَنْعَ [من الزِّيَادةِ على الثُلُثِ] (٨) إنَّما كان لِحَقِّ الوَرَثةِ، لا لِحَقِّه، فلم يَمْلِكْ إجَازَتَها ولا رَدَّها، وإنما كان له الرُّجُوعُ في الوَصِيَّةِ؛ لأنَّ التَّبَرُّعَ بها مَشْرُوطٌ بالمَوْتِ (٩)، ففيما قبلَ المَوْتِ لم يُوجَد التَّبَرُّعُ ولا العَطِيّةُ، بخِلَافِ العَطِيّةِ في المَرَضِ، فإنَّه قد وُجِدَتِ العَطِيّةُ منه، والقَبُولُ من المُعْطِى، والقَبْضُ، فلَزِمَتْ كالوَصِيّةِ إذا قُبِلَتْ بعدَ المَوتِ وقُبِضَتْ. الثاني، أنَّ قَبُولَها على الفَوْرِ في حال (١٠) حَيَاةِ المُعْطِى وكذلك رَدُّها، والوَصَايَا لا حُكْمَ لِقَبُولِها ولا رَدِّها إلَّا بعد المَوْتِ؛ لما ذَكَرْنا من أنَّ العَطِيّةَ تَصَرُّفٌ في الحالِ، فتُعْتَبَرُ شُرُوطُه وَقْتَ وُجُودِه، والوَصِيّةُ تَبَرُّعٌ بعدَ المَوْتِ، فتُعْتَبَرُ شُرُوطُه بعدَ المَوْتِ. الثالث، أنَّ العَطِيَّةَ تَفْتَقِرُ إلى شُرُوطِها المَشْرُوطَةِ لها في الصِّحَّةِ؛ من العِلْمِ، وكَوْنِها لا يَصِحُّ تَعْلِيقُها على شَرْطٍ وغَرَرٍ في غير العِتْقِ، والوَصِيّةُ بخِلَافِه. الرابع، أنَّها تُقَدَّمُ على الوَصِيَّةِ، وهذا قول الشافِعِيِّ، وجُمْهُورِ العُلَماءِ. وبه قال أبو حنيفةَ،


= الصحيح الشحيح، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٧١٦.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في كراهية الإِضرار في الوصية، من كتاب الوصايا. سنن أبي داود ٢/ ١٠٢. والنسائي، في: باب أي الصدقة أفضل، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٥١. وابن ماجه، في: باب النهى عن الإمساك في الحياة والتبذير عند الموت، من كتاب الوصايا. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٠٣. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٣١، ٢٥٠، ٤١٥, ٤٤٧.
(٧) سقط من: م.
(٨) في م: "على الزيادة من الثلث".
(٩) تكرر في م قوله: "فلم يملك إجازتها ولا ردها وإنما كان له الرجوع في الوصية لأن التبرع مشروط بالموت".
(١٠) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>