للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُرُوجِها من الثُّلُثِ، أو إجَازَةِ الوَرَثةِ، والبَيْعُ عنده لا يَجُوزُ أن يكونَ مَوْقُوفًا. ومن مَسَائِلِ ذلك: مَريضٌ وُهِبَ له ابْنُه، فَقَبِلَه، وقِيمَتُه مائة، وخَلَّفَ مائَتيْ دِرْهَمٍ وابْنًا آخَرَ، فإنَّه يَعْتِقُ، وله مائةٌ ولأَخِيه مائَةٌ. وهذا قولُ مالِكٍ، وأبى حنيفةَ، والشافِعِيِّ. وقيل، على قولِ الشافِعِيِّ: لا يَرِثُ، والمائتانِ كلُّها للابْنِ الحُرِّ. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَرِثُ نِصْفَ نَفْسِه، ونِصْفَ المائَتَيْنِ، ويَحْتَسِبُ بقِيمَةِ نِصْفِه (٣١) الباقى (٣٢) من مِيرَاثِه. وإن كان قِيمَتُه مائتَيْنِ، وبَقِيَّةُ التَّرِكَةِ مائةً، عَتَقَ من رَأْسِ المالِ، والمائةُ بينه وبين أخِيه. وبهذا قال مالِكٌ، والشافِعِيُّ. وقال أبو حنيفة: يَعْتِقُ منه نِصْفُه، لأنَّه قَدْرُ ثُلُثِ التَّرِكَةِ، ويَسْعَى في قِيمَةِ باقِيه، ولا يَرِثُ؛ لأنَّ المُسْتَسْعَى عنده كالعَبْدِ لا يَرِثُ إلَّا في أرْبَعةِ مَوَاضِع: الرَّجُلُ يَعْتِقُ أمَتَه على أن تَتَزَوَّجَهُ. والمَرْأةُ تَعْتِقُ عَبْدَها على أن يَتَزَوَّجَها، فيَأْبَيانِ ذلك. والعَبْدُ المَوْهوبُ (٣٣) يَعْتِقُه سَيِّدُه. والمُشْتَرِى لِلْعَبْدِ يَعْتِقُه قبلَ قَبْضِه وهما مُعْسِرَانِ. ففى هذه المَواضِع يَسْعَى كلُّ واحدٍ في قِيمَتِه، وهو حُرٌّ يَرِثُ. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَرِثُ نِصْفَ التَّرِكةِ، وذلك ثَلَاثةُ أرْباعِ رَقَبَتِه، ويَسْعَى في رُبْعِ قِيمَتِه لأَخِيه. وإن وُهِبَ له ثَلَاثُ أخَواتٍ مُتَفَرِّقَاتٌ، لا مالَ له سِوَاهُنَّ، ولا وارِثَ، عَتَقْنَ (٣٤) من رَأْسِ المالِ. وهذا قولُ مالِكٍ. وإن كان اشْتَراهُنَّ فكذلك، فيما ذَكَرَه الْخَبْرِىُّ عن أحمدَ. وهو قولُ ابن الماجِشُون، وأهْلِ البَصْرَةِ، وبعضِ أَصْحابِ مالِكٍ. وعلى قولِ القاضي، يَعْتِقُ ثُلُثَهُنَّ، في أحدِ الوَجْهَيْنِ. وهو قولُ مالِكٍ، وفى الآخَر يَعْتِقْنَ كُلُّهُنَّ؛ لكَوْنِ وَصِيَّةِ مَنْ لا وَارِثَ له جائِزَةً في جَمِيعِ مالِه، في أصَحِّ الروَايَتَيْنِ. وإن تَرَكَ مَالًا يَخْرُجْنَ من ثُلُثِه عَتَقْنَ


(٣١) في م: "نصف".
(٣٢) في أ: "الثاني".
(٣٣) في أ، م: "المرهون".
(٣٤) في أ: "غيرهن".

<<  <  ج: ص:  >  >>