للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يَسْعَى له في نَصْفِ قِيمَتِه. فإن تَرَكَ أَلْفَيْنِ سِوَاهُ عَتَقَ كلُّه؛ لأنَّ التَّرِكَةَ هي الثَّمَنُ مع الأَلْفَيْنِ، والثَّمَنُ يَخْرُجُ من الثُّلُثِ، فيَعْتِقُ ويَرِثُ نِصْفَ الأَلْفَيْنِ. وهو قولُ الشافِعِيِّ. وقيل: يَعْتِقُ، ولا يَرِثُ. وعند أبى حنيفةَ وأَصْحَابِه: التَّرِكَةُ قِيمَتُه مع الأَلْفَيْنِ، وذلك خَمْسَةُ آلَافٍ. فعلى قولِ أبى حنيفةَ يَعْتِقُ منه قَدْرُ ثُلُثِ ذلك، وهو أَلْفٌ وثُلُثَا أَلْفٍ، ويَسْعَى لأَخِيه في أَلْفٍ (٤٥) وثُلُثِ أَلْفٍ. وفى قول صاحِبَيْه: يَعْتِقُ منه نِصْفُ ذلك، وهو خَمْسَةُ أسْدَاسِه، ويَسْعَى لأَخِيه في خَمْسِمائةٍ، والأَلْفانِ لأَخِيه في قَوْلِهم جَمِيعًا. ولو اشْتَرَى المَرِيضُ ابْنَىْ عَمٍّ له بأَلْفٍ، لا يَمْلِكُ غيرَه وقِيمَةُ كلِّ واحدٍ منهما أَلْفٌ، فأَعْتَقَ أحَدَهُما، ثم وَهَبَه أخَاهُ، ثم ماتَ وخَلَّفَهُما وخَلَّفَ مَوْلَاه، فإنَّ قِيَاسَ قولِ القاضي، إن شاءَ اللَّه، أن يَعْتِقَ ثُلُثَا المُعْتَقِ، إلَّا أن يُجِيزَ المَوْلَى عِتْقَ جَمِيعِه، ثم يَرِثُ بِثُلُثَيْه ثُلَثَىْ بَقِيَّة التَّرِكَة، فيَعْتِقُ منه (٤٦) ثَمَانِيةُ أتْسَاعِه، ويَبْقَى تُسْعُه وثُلُثُ أخِيه لِلْمَوْلَى. ويَحْتَمِلُ أن يَعْتِقَ كلُّه، ويَرِثَ أخَاه، فيَعْتِقانِ جَمِيعًا، لأنَّه يَصِيرُ بالإِعْتاقِ وَارِثًا لِثُلُثَىِ التَّرِكَةِ، فتَنْفُذُ إجازَتُه في إعْتاقِ باقِيه، فتَكْمُلُ له الحُرِّيَّةُ، ثم يَكْمُلُ المِيرَاثُ له. وفى قِيَاسِ قولِ أبى الخَطَّابِ: يَعْتِقُ ثُلُثَاه، ولا يَرِثُ؛ لأنَّه لو وَرِثَ لَكان إعْتَاقَ وَصِيَّةٍ له، فيَبْطُلُ إعْتَاقُه، ثم يَبْطُلُ إرْثُه، فيُؤَدِّى تَوْرِيثُه إلى إِبْطالِ تَوْرِيثِه. وهذا قولُ الشّافِعِىِّ (٤٧)، ويَبْقَى ثُلُثُه وابْنُ العَمِّ الآخَر لِلْمَوْلَى. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثَا المُعْتَقِ، ويَسْعَى في قِيمَةِ ثُلُثِه، ولا يَرِثُ. وقال أبو يوسف، ومحمدٌ: يَعْتِقُ كلُّه، ويَعْتِقُ عليه أخُوه بالهِبَةِ، ويَكُونَانِ أحَقَّ بالمِيرَاثِ من المَوْلَى، فإن كان لِلْمَيِّتِ مالٌ سِواهُما، أخذَ ذلك المال بالمِيرَاثِ، ويَغْرَمُ المُعْتِقُ (٤٨) لأَخِيه المَوْهُوبِ نِصْفَ [قِيمةِ نَفْسِه] (٤٩) ونِصْف قِيمَةِ أخِيه؛ لأنَّ عِتْقَ


(٤٥) في م: "الألف".
(٤٦) في ازيادة: "لقدر".
(٤٧) في م: "للشافعي".
(٤٨) في م: "بالمعتق".
(٤٩) في م: "قيمته".

<<  <  ج: ص:  >  >>