للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يُجِزِ الوَرَثةُ ذلِكَ، فَلِمَنْ أوْصَى لَهُ بالثُّلُثِ سُدُسُ الْمائَتَيْنِ وسُدُسُ العَبْدِ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَه فِي الجَمِيعِ، ولِمَنْ أوْصَى لَهُ بالعَبْدِ نِصْفُه؛ لأنَّ وَصِيَّتَه، في الْعَبْدِ)

وجملتُه أنَّه إذا أَوْصَى لرَجُلٍ بمُعَيَّنٍ من مالِه، ولآخَرَ بجُزْءٍ مُشَاعٍ منه، كثُلُثِ المالِ ورُبْعِه، فأُجِيزَ لهما، انْفَرَدَ صاحِبُ المُشَاعِ بوَصِيَّتِه من غيرِ المُعَيَّنِ، ثم شارَكَ صاحِبَ المُعَيَّنِ فيه، فيَقْتَسِمانِه بينهما على قَدْرِ حَقَّيْهِما فيه، ويَدْخُلُ النَّقْصُ على كلِّ واحدٍ منهما بَقَدْرِ مالَه في الوَصِيَّةِ، كمَسائِلِ العَوْلِ، وكما لو أَوْصَى لرَجُلٍ بمالِه، ولآخَرَ بجُزْءٍ منه. فأمَّا في حال الرَّدِّ، فإن كانت وَصِيَّتُهُما لا تُجَاوِزُ الثُّلُثَ، مثل أن يُوصِىَ لرَجُلٍ بِسُدُسِ مالِه، ولآخَرَ بمُعَيَّنٍ قِيمَتُه سُدُسُ المالِ، فهى كحالِ الإِجَازَةِ سواء، إذْ لا أثَرَ لِلرَّدِّ. وإن جاوَزَتْ (٢) ثُلُثَه، رَدَدْنَا وَصِيَّتَهُما إلى الثُّلُثِ، وقَسمْناهُ بينهما على قَدْرِ وَصيَّتِهِما، إلَّا أنَّ صاحِبَ المُعَيَّنِ يَأْخُذُ نَصِيبَه من المُعَيَّنِ، والآخَرَ يَأْخُذُ حَقَّه من جَمِيعِ المالِ. هذا (٣) قولُ الخِرَقِىِّ، وسائِرِ الأصْحابِ. ويَقْوَى عندى أنَّهما في حالِ الرَّدِّ يَقْتَسِمانِ الثُّلُثَ، على حَسَبِ ما لَهما في الإِجَازَةِ. وهذا قولُ ابنِ أبي لَيْلَى. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ في الرَّدِّ: يَأْخُذُ صاحِبُ المُعَيَّنِ نَصِيبَه منه، ويَضُمُّ الآخَرُ سِهَامَه إلى سِهَامِ الوَرَثةِ، ويَقْتَسِمُونَ الباقِى على خَمْسَةٍ، في مثل مَسْأَلةِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّ له السُّدُسَ، ولِلْوَرَثةِ أرْبَعةَ أسْدَاسٍ. وهو مثلُ قولِ الخِرَقِىِّ، إلَّا أنَّ الخِرَقِىَّ يُعْطِيه السُّدُسَ من جَمِيعِ المالِ، وعندَهما أنَّه يَأْخُذُ خُمْسَ المائَتَيْنِ وعُشْرَ العَبْدِ واتَّفَقُوا على أنَّ كلَّ واحدٍ من الوَصِيَّيْنِ يَرْجِعُ إلى نِصْفِ وَصِيَّتِه؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما قد أوْصَى له بثُلُثِ المالِ، وقد رَجَعَتِ الوَصِيَّتانِ إلى الثُّلُثِ، وهو نِصْفُ الوَصِيَّتَيْنِ، فيَرْجِعُ كلُّ واحدٍ إلى نِصْفِ وَصِيَّتِه، ويَدْخُلُ النَّقْصُ على كلِّ واحدٍ منهما بِقَدْرِ مالَه في الوَصِيَّةِ.


(٢) في الأصل، أ: "جاوز".
(٣) في أ، م: زيادة "هو".

<<  <  ج: ص:  >  >>