للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْقُطونَ بثلاثةٍ، ويُجْمَعُ له بين الفَرْضِ (٦) والتَّعْصِيبِ، كالأبِ، وهم يَنْفَرِدونَ بواحدٍ منهما، ويُسْقِطُ ولدَ الأُمِّ، ووَلَدُ الأبِ يَسْقُطونَ بهِم بالإِجْماعِ إذا استَغْرَقَت الفُروضُ المالَ، وكانوا عَصَبَةً، وكذلك ولدُ الأبوَيْنِ في المُشْرَّكَة عندَ الأكْثَرِينَ، ولأنَّه لا يُقْتَلُ بقَتْلِ ابن ابنهِ، ولا يُحَدُّ بقَذْفِه، ولا يُقطَعُ بسَرِقَةِ مالِه، ويجِبُ عليه نفَقَتُه، ويُمْنَعُ من دَفْعِ زَكاِته إليه، كالأبِ سَواءً، فدلَّ ذلك على قُوَّتِه. فإنْ قيلَ: فالحديثُ حُجَّةٌ في تقْديمِ الأخَواتِ؛ لأنَّ فُروضَهنَّ في كتابِ اللهِ، فيَجبُ أن تَلْحَقَ بهنَّ فُروضُهُنَّ، ويكونُ للجدِّ ما بَقِىَ. فالجوابُ، أنَّ هذا الخبَرَ حُجَّةٌ فىِ الذُّكُورِ المُنْفَرِدِينَ، وفي الذُّكُورِ مع الإِناثِ. أو نقولُ: هو حجَّةٌ في الجميعِ، ولا فَرْضَ لولدِ الأبِ مع الجدِّ؛ لأنَّهم كَلالةٌ، والكَلالةُ اسمٌ للوارِثِ مع عَدَمِ الوَلَدِ والوالِدِ، فلا يكونُ لهم معه إِذًا فَرْضٌ. حجَّةٌ أُخْرَى، قالوا: الجَدُّ أبٌ، فيَحْجُبُ وَلَدَ الأبِ، كالأبِ الحقيقيِّ. ودليلُ كونِه أبًا قولُه تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (٧). وقولُ يوسفَ: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} (٨). وقوله: {كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} (٩). وقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ارْمُوا بَنِى إِسْماعِيلَ، فإنَّ أباكُمْ كَانَ رامِيًا" (١٠). وقال: "سَامٌ أبُو العَرَبِ، وحَامٌ أبو الحَبَشِ" (١١). وقال: "نَحْنُ بَنِى النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، لَا نَقْفُوا أُمَّنا، ولَا نَنْتَفِى (١٢) مِنْ أبِينَا" (١٣). وقال الشَّاعرُ (١٤):


(٦) في أ: "الفروض".
(٧) سورة الحج ٧٨.
(٨) سورة يوسف ٣٨.
(٩) سورة يوسف ٦.
(١٠) أخرجه البخاري، في: باب التحريض على الرمي. . ., من كتاب الجهاد، وفي: باب قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ. . .}، من كتاب الأنبياء، وفي: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل. . ., من كتاب المناقب. صحيح البخاري ٤/ ٤٥، ١٧٩، ٢١٩. وابن ماجه، في: الرمي في سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٤١. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٦٤، ٤/ ٥٠.
(١١) أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٩، ١٠، ١١.
(١٢) في الأصل، م: "تنفى".
(١٣) أخرجه ابن ماجه، في: باب من نفى رجلًا من قبيلة، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٧١. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٢١١، ٢١٢.
(١٤) الحماسة ١/ ٧٧. وفيها أنه لبعض بني قيس بن ثعلبة، ويقال إنه لبشامة بن حزن النهشلي. وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ١/ ١٠٠، وفيه أنه لبشامة بن جزء النهشلى. وانظر حاشية شرح ديوان الحماسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>