للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّا بنى نَهْشلٍ لا نَدَّعى لِأَبٍ ... عنه ولا هُوَ بالأبْناءِ يَشْرِينَا

فوجبَ أنَّ يَحْجُبَ الإِخوةَ، كالأبِ الحَقِيقيِّ، يُحقِّقُ هذا أنَّ ابنَ الابنِ وإن سَفَلَ يقومُ مَقامَ أبيه في الحَجْبِ، وكذلك أبو الأبِ يقومُ مَقامَ ابنهِ؛ ولذلك قال ابنُ عَبَّاسٍ: ألا يَتَّقِى اللهَ زيدٌ؟ يَجْعَلُ ابنَ الابنِ ابنًا، ولا يَجعلُ أبا الأبِ أبًا. ولأنَّ بينهما إيلادًا وبَعْضِيَّةً وجُزْئِيَّةً، وهو يُساوِى الأبَ في أكثرِ أحْكامِه، فيُساوِيه في هذا الحَجْبِ. يحقِّقُه أنَّ أبا الأبِ وإنْ عَلا يُسْقِطُ بنى الإِخْوَةِ، ولو كانت قَرابةُ الجدِّ والأخِ واحدةً، لَوَجَبَ أن يكونَ أبو الجدِّ مُساوِيًا لبنى الأخِ، لتَساوِى دَرَجَةِ مَنْ أَدْلَيا به. واللهُ أعلمُ. ولا تَفْرِيعَ على هذا القَوْلِ لوُضُوحِه.

فصل: اختَلَفَ القائِلونَ بتَوْرِيثِهم معه في كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهم، فكان عليٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه، يَفْرِضُ للأخَواتِ فُروضَهنَّ، والباقِىَ للجَدِّ، إلَّا أنَّ يَنْقُصَه ذلك من السُّدُسِ، فيَفْرِضَه له، فإنْ كانتْ أُخْتٌ لأبَوَيْنِ، وإخوةٌ لأبٍ، فَرَضَ للأُختِ النِّصْفَ، وقاسَمَ الجدُّ الإِخوةَ فيما بَقِىَ، إلَّا أَنْ تَنْقُصَه المُقاسَمةُ من السُّدُسِ، فنَفرضَه له. فإنْ كان الإِخوةُ كلُّهم عَصَبةً، قاسَمَهم الجدُّ إلى السُّدُسِ. فإن اجتمعَ وَلَدُ الأبِ ووَلَدُ الأبوَيْنِ مع الجدِّ، سَقَطَ ولدُ الأبِ، ولم يدْخُلوا في المُقاسَمَةِ، ولا يُعْتَدُّ بِهِم. وإن انفردَ وَلَدُ الأبِ، قاموا مَقامَ وَلَدِ الأبوَيْنِ مع الجدِّ. وصَنَعَ ابنُ مسعودٍ في الجدِّ مع الأخَوَاتِ كصُنْعِ عليٍّ، عليه السَّلامُ، وقاسَمَ به الإِخْوةَ إلى الثُّلُثِ، فإن كانَ معهم أصحابُ فَرائِضَ، أَعْطَى أصْحابَ الفَرائِضِ فَرائِضَهم، ثمَّ صَنَعَ صنيعَ زَيْدٍ في إعْطاءِ الجدِّ الأحَظَّ من المُقاسَمَةِ أو ثُلُثَ الباقِى أو سُدُسَ جميعِ المالِ، وعليٌّ يقاسِمُ به بعدَ أصحابِ الفرائِضِ، إلَّا أن يكونَ أصحابُ الفرائِض بنتًا أو بناتٍ فلا يزيدُ الجدُّ على الثُّلُثِ، ولا يُقاسِمُ به. وقال بقَوْلِ علىٍّ، الشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والمُغِيرَةُ بنُ المِقْسَمِ (١٥)، وابنُ أبي لَيْلَى، والحَسَنُ بنُ


(١٥) المغيرة بن مقسم الضبى، مولاهم، من فقهاء التابعين بالكوفة، توفى سنة ثلاث وثلاثين ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي ٨٣، تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>