للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجُزْئِه الحرِّ، مثلُ أن كان قد هَايَأَ سيِّدَه على مَنْفَعَتِهِ، فاكتسبَ فى أيَّامِه، أو وَرِثَ شيئًا، فإنَّ الميراثَ إنَّما يَسْتَحِقّه بجُزْئِه الحُرِّ، أو كان قد قاسمَ سَيّدَه فى حياتِه، فَتَركَتُه كُلُّها لوَرَثَتِه، لا حَقَّ لمالكِ باقِيهِ فيها. وقال قومٌ: جميعُ ما خلَّفه بينه وبينَ سَيِّدِه. قال ابنُ اللَّبَّان: هذا غَلَطٌ؛ لأنَّ الشَّريكَ إذا استَوْفَى حَقَّه من كَسْبِه مَرّةً، لم يَبْقَ له حَقٌّ فى الباقى، ولا سبيلَ له على ما كَسَبه بنِصْفِه الحُرِّ، كما لو كان بين شَرِيكَيْنِ فاقْتَسما كَسْبَه، لم يكُنْ لأحدِهما حَقٌّ فى حِصَّةِ الآخَرِ، والعَبْدُ يَخْلُفُ أحدَ الشّريكينِ فيما عَتَق منه. فأمَّا إنْ لم يكُنْ كَسَبَهُ بجُزْئِه الحُرِّ خاصَّةً، ولا اقْتَسَما كَسْبَه، فلِمالكِ باقِيهِ من تَركِتِه بِقَدْرِ مِلْكِه فيه، والباقى لِوَرَثتِه. وإِنْ مات له مَنْ يَرِثُه، فإنّه يَرِثُ، ويُورَثُ، ويَحْجُبُ على قدرِ ما فيه من الحُرِّيَّةِ. وهذا قولُ على، وابنِ مسعودٍ، رضى اللَّه عنهما، وبه قال عثمانُ الْبَتِّىُّ، وحَمْزةُ الزَّيَّاتُ، وابنُ المُباركِ، والمُزَنِىُّ، وأهْلُ الظَّاهِرِ. وقال زيدُ بنُ ثابتٍ: لا يَرِثُ، ولا يُورَثُ، وأحكامُه أحْكامُ العبدِ. وبه قال مالكٌ، والشّافِعىُّ، فى القديمِ. وجعَلا مَالَه لمالكِ باقِيهِ. قال ابنُ اللَّبَّانِ: هذا غلَطٌ؛ لأنَّه ليس لِمالكِ باقِيهِ على ما عَتَقَ منه مِلْكٌ، ولا ولاءٌ، ولا هو ذو رَحِمٍ. قال ابنُ سُرَيجٍ: يَحْتَمِلُ على قولِ الشّافعىِّ رَضِىَ اللَّهُ عنه القديمِ، أن يُجْعَلَ فى بيتِ المالِ؛ لأنَّه لا حَقَّ له فيما كَسَبه بجُزْئِهِ الحُرِّ. وقال الشَّافِعىُّ فى الجديد: ما كَسَبه بجْزئِه الحُرِّ لورَثتِه، ولا يَرِثُ هو ممَّن ماتَ شيئًا. وبه قال طاوسُ، وعمرو بنُ دينارٍ، وأبو ثَوْرٍ. وقال ابنُ عَبَّاسٍ: هو كالحُرِّ فى جميعِ أحْكامِه، فى تَوْريثه، والإرْثِ منه، وغيرِهما. وبه قال الحسنُ، وجابرُ بنُ زْيدٍ، والشَّعْبىُّ، والنَّخَعىُّ، والحَكَمُ، وحَمّادٌ، وابنُ أبى لَيْلَى، والثَّوْرِىُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ، واللُّوْلُؤىُّ، ويحيى بنُ آدمَ، وداودُ. وقال أبو حنيفةَ: إنْ كان الذى لم يَعْتِقِ استَسْعَى العَبْدَ، فله من تَركَتِه سِعَايتُه، وله نِصْفُ وَلائِه، وإِنْ كان أَغْرَمَ الشَّرِيكَ، فولاؤه كُلُّه للذى أعْتَقَ بَعْضَه. ولَنا، ما رَوى عبدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ، حدثنا الرَّمْلىّ، عن يزيدَ بنِ هارونَ، عن عِكْرِمَةَ، عن ابنِ عَبّاسٍ، أنّ النّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال فى العبد يَعْتِقُ بعضُه:

<<  <  ج: ص:  >  >>