للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يَرِثُ وَيُورَثُ عَلى قَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ" (١). ولأنَّه يجبُ أن يثبُتَ لكلِّ بعضٍ حُكْمُه، كما لو كان الآخرُ مِثْلَه، وقياسًا لأحَدِهما على الآخرِ. إذا ثَبَتَ هذا، فالتَّفْريعُ على قَوْلِنا؛ لأنَّ العملَ على غَيْرِه واضِحٌ. كيفيَّةُ تَوْرِيثه أنْ يُعْطَى مَنْ له فَرْضٌ بقَدْرِ ما فيه من الحُرّيَّةِ مِنْ فَرْضِه، وإِنْ كان عَصَبَةً نُظِرَ ماله مَعَ الحُرّيَّة الكامِلَةِ، فأُعْطِىَ بقدرِ ما فيه منها، وإِنْ كانا عَصَبَتَيْنِ لا يَحْجُبُ أحَدُهما الآخَرَ، كابْنينِ نِصْفُهما حُرٌّ، ففيه وجهان؛ أحدهما، تُكمَّلُ الحُريةُ فيهما، بأنْ تُضَمَّ الحُرِّيَّةُ من أحدِهما إلى ما فى الآخرِ منها، فإن كَمَلَ منهما واحدٌ، ورِثا جميعًا ميراثَ ابنٍ حُرٍّ؛ لأنَّ نِصْفَىْ شىءٍ شيءٌ كاملٌ، ثم يقسَّم ما وَرِثاه بينهما على قَدْرِ ما فى كُلِّ واحدٍ منهما، فإذا كان ثُلُثا أحدِهما حُرًّا، وثُلثُ الآخرِ حُرًّا كان ما وَرِثاه بينهما أثلاثًا، وإِنْ نَقَصَ ما فيهما من الحُرِّيَّة عَنْ حُرٍّ كامِلٍ، وَرِثا بقَدْرِ ما فيهما، وإِنْ زادَ على حُرٍّ واحدٍ، وكان الجُزْءان فيهما سواءً، قُسِم ما يَرِثَانِه بينهما بالسَّوِيَّة، وإنِ اخْتلفا أُعْطِىَ كُلُّ واحدٍ منهما بِقَدْرِ ما فيه. قال الخَبْرِىُّ: قال الأكْثرونَ: هذا قياسُ قولِ عَلىٍّ، رضِىَ اللَّه عنه. والوجْهُ الآخرُ، لا تُكَمَّلُ الحُرّيَّةُ فيهما، لأنَّها لو كُمِّلَتْ لم يَظْهَرْ للرِّقِّ أثرٌ، وكانا فى ميراثِهما كالحُرَّيْنِ، وإن كان أحدُهما يَحجُبُ الآخرَ، فقد قيل فيهما وجهانِ أيضًا. والصّحيحُ أنّ الحُرِّيَّةَ لا تُكَمَّل ههُنا؛ لأنَّ الشىءَ لا يُكمَّلُ بما يُسْقِطُه، ولا يُجْمعُ بينه وبينَ ما يُنافيه. ووَرَّثَه بعضُهم بالخِطابِ، وتنْزِيلِ الأحْوالِ، وحَجَب بعضَهم ببعضٍ على مثالِ تَنْزيلِ الخُناثَى (٢). وقال أبو يوسفَ بمعناه. ومسائلُ ذلك؛ ابنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ له نِصْفُ المالِ، فإنْ كان معه ابنٌ آخَرُ نصفُه حُرٌّ فلهما المالُ، فى أحدِ الوَجْهين، وفى الآخرِ، لهما نِصْفُه، والباقى للعَصَبَةِ، أو لبيتِ المالِ إن لم تكُنْ عَصَبَةٌ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ لكُلِّ واحدٍ منهما ثلاثَةُ أثْمانِ المالِ؛ لأنَّهما لو كانا حُرّيْنِ،


(١) أخرجه النسائى، فى: باب دية المكاتب، من كتاب القسامة. المجتبى ٨/ ٤١ بنحوه. ولم يرد فى مسند أحمد. انظر: إرواء الغليل ٦/ ١٦١، ١٦٢.
(٢) فى م: "الخطاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>