للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتُصَلِّينَ الظُهْرَ والعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ تُؤَخِّرِينَ المَغْرِبَ وتُعَجِّلِينَ العِشَاءَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وتَغْتَسِلِينَ لِلصُّبْحِ، فَافْعَلِى، وصُومِى إنْ قَوِيتِ عَلَى ذَلِكَ". وقال (٨) رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَهُوَ أَعْجَبُ الأَمْرَيْنِ إلَىَّ". رَوَاهُ أبو داود، والتِّرْمِذِىُّ (٩)، وقال: هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قال: وسَأَلْتُ محمدًا (١٠) عنه، فقال: هو حَدِيثٌ حَسَنٌ (١١). وحَكىَ ذلك عن أحمدَ أيضًا. وهو بِظَاهِرِه يُثبِتُ الحُكْمَ في حَقِّ النَّاسِيَةِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَسْتَفْصِلْها، هل هىَ مُبْتَدَأَة أو نَاسِيَة؟ ولو افْتَرَقَ الحالُ لاسْتَفْصَلَ وسَأَلَ. واحْتِمَالُ أنْ تكونَ نَاسِيَةً أكْثرُ، فإنَّ حَمْنَةَ امْرَأَةٌ كَبِيرَةٌ، كذلك قال أحمدُ. ولم يَسْأَلْها النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن تَمْيِيزِها؛ لأنَّه قد جرى مِنْ كَلَامِها، مِنْ تَكْثِيرِ الدَّمِ وصِفَتِه ما أَغْنَى عن السُّؤَالِ عنه، ولم يَسْألْها هل لها عَادَةٌ فَيَرُدُّهَا إليها؟ لاسْتِغْنَائِهِ عن ذلك، لِعِلْمِه إيَّاهُ، إذ كان مُشْتَهَرًا، وقد أمَرَ به أُخْتَها أُمَّ حَبِيبةَ، فلم يَبْقَ إلَّا أن تكونَ نَاسِيَةً، ولأنَّ (١٢) لها حَيْضًا لا تَعْلَمُ قَدْرَه، فيُرَدُّ إلى غالِبِ عاداتِ النِّسَاءِ، كالمُبْتَدَأةِ، ولأنَّها لا عادَةَ لها ولا تَمْيِيزَ، فأَشْبَهَتِ المُبْتَدَأَةَ. وقوْلُهم: لها أيَّامٌ مَعْرُوفَةٌ. قُلْنا: قد زَالَتِ المَعْرِفَةُ، فصارَ وُجُودُها كعَدَمِها (١٣). وأمَّا أمْرُهُ (١٤) أُمَّ حَبِيبةَ بالغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فإنَّما هو نَدْبٌ، كأمْرِه لِحَمْنَةَ في هذا الخَبَر، فإنَّ أمَّ حَبِيبةَ كانتْ مُعْتَادَةً رَدَّهَا إلى عَادَتِها، وهى التي اسْتَفْتَتْ لها أُمُّ سَلَمَةَ، على أنَّ حَدِيثَ أُمِّ حَبِيبةَ إنَّمَا رُوِىَ عن الزُّهْرِىِّ، وأنْكَرَهُ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، فقال: لم يَذْكُرْ ابنُ شِهَابٍ أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ أُمَّ حَبِيبةَ أنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صلاةٍ، ولكنَّه شيءٌ فَعَلَتْه هي.


(٨) في الأصل: "فقال".
(٩) أخرجه أبو داود، في: باب [من قال] إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٦٧. والترمذي، في: باب في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٢٠١، كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٤٣٩.
(١٠) أي: ابن إسماعيل البخاري.
(١١) في سنن الترمذي زيادة: "صحيح".
(١٢) في الأصل: "لأن".
(١٣) في م: "كالعدم".
(١٤) في الأصل: "أمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>