للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعثمانَ، وعلىٍّ، وزيدٍ، وابن مسعودٍ، أنَّهم قالوا: الولاءُ للكِبَرِ، إلى هذا القولِ أذْهَبُ. وتفسيرُ ذلك أن يُعْتِقَ الرجلُ عبدًا، ثم يموتَ ويُخَلِّفَ ابْنَيْنِ، فيموتَ أحدُ الابنينِ، ويُخَلِّفَ ابنًا، فولاءُ هذا العبدِ المُعْتَقِ لابنِ المُعْتِقِ، وليس لابنِ الابنِ شىءٌ مع الابنِ. وحُجَّةُ شُرَيْحٍ حديثُ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ الذى ذكرْناه (١٠)، والقياسُ على المالِ. وَلنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المَوْلَى أخٌ فِى الدِّينِ، وَوَلِىُّ نِعْمَةٍ، وأَوْلَى النَّاسِ بِمِيرَاثِهِ (١١) أقْرَبُهم من المُعْتِقِ" (١٠). وقوله عليه السلام: "الْوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ" (١٢). وقوله: "الْوَلاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ" (١٣). ولأنَّه من أسْبابِ التَّوارُثِ، فلم يُورَثْ، كالقَرابةِ والنِّكاحِ، ولأنَّه إجماعٌ من الصَّحابةِ لم يَظْهَرْ عنهم خلافُه فلا يجوزُ مُخَالَفَتُه، وحديثُ عمرِو بن شُعَيْبٍ قد غَلَّطَه العلماءُ فيه، ولم يَصِحَّ عن أحدٍ من الصَّحابةِ خلافُ هذا القولِ، وحَكاهُ الشَّعْبىُّ والأئمةُ عن عمرَ ومَنْ ذكرنا قولَهم، ولا يصِحُّ اعتبارُ الوَلاءِ بالمالِ؛ لأنَّ الوَلاءَ لا يُورَثُ، بدليلِ أنَّه لا يَرِثُ منه [ذَوُو الفُرُوضٍ] (١٤)؛ وإنَّما يُورَثُ به، فيُنْظَرُ أقْربُ الناسِ إلى سَيِّدِه من عَصَباتِه يوم مَوْتِ العبدِ والمُعْتِقِ، فيكونُ هو الوارثَ للمَوْلَى (١٥) دون غيرِه، كما أَنَّ السَّيِّدَ لو مات فى تلك الحالِ وَرِثَه وحدَه، فإذا خَلَّفَ ابْنَ مَوْلاه، وابنَ ابنِ مَوْلاه، فمالُه لِابْنِ مولاه. وإن خَلَّف ابنَ ابنِ مَوْلاه، وتِسْعةَ بَنِى ابنٍ آخَرَ لَمِوْلَاه، فمالُه بينهم على عَدَدِهم، لكلِّ واحدٍ عُشْرُهُ؛ لأنَّهم يَرِثُون جَدَّهُم كذلك. ولو خلَّف السَّيِّدُ ابْنَه وابنَ ابنِه، فمات ابنُه بعدَه عن ابنٍ، ثم مات عَتِيقُه، فمِيراثُه بين ابْنَى الابنِ نِصْفَيْنِ. وفى قول شُرَيحٍ، هو لابنِ الابنِ الذى كان حيًّا عندَ مَوْتِ ابْنِه. وإن مات السَّيِّدُ عن أخٍ من أبٍ وابنِ أخٍ من أُبَوَيْنِ، فمات الأخُ من الأبِ عن ابنٍ، ثم مات العَتِيقُ، فمالُه لابنِ الأَخِ من الأبوَينِ. وفى قولِ شُرَيحٍ، هو لابْنِ الأَخِ من الأبِ. وإن لم


(١٠) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٤٥.
(١١) فى م: "به".
(١٢) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٥٩.
(١٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٢١٥.
(١٤) فى أ: "ذو الفرض".
(١٥) فى أ، م: "المولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>