للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فإنَّه دَمُ حَيْضٍ مُنْتَقِلٌ. ونقل الفضلُ بنُ زيادٍ (٣): لا تَنْتَقِل إليه إلَّا في الثَّالِثَةِ، فلْتُمْسِكْ عن الصَّلَاةِ والصَّوْمِ. وفى لفظٍ له قال: سألتُ أبا عبدِ اللهِ عن المَرأةِ أيَّامُ أَقْرَائِها مَعْلُومَةٌ، فرُبَّما زادَ في الأشْهُرِ الكثيرةِ على أيَّامِ أقْرَائِها، أتُمْسِكُ عن الصَّلَاةِ أو تُصَلِّى؟ قال: بل تُصَلِّى، ولا تَلْتَفِت إلى ما زادَ على أقْرَائِها، إلَّا أنْ يَكُونَ دَمَ حَيْضٍ مُتَنَقِّلًا (٤) أو نحو هذا. قلتُ: أفتُصلِّى إلى أنْ يُصيبَها ثلاثَ مَرَّاتٍ (٥)، ثم تَدَعُ الصَّلَاةَ بعدَ ثلاثٍ (٦)؟ قال: نعم، بعدَ ثَلَاثٍ. ففى هذه الرِّوايَة تَصْرِيحٌ بِأنَّها لا تَعُدُّ الزِّيَادَةَ مِنْ حَيْضِها إلَّا في المَرَّةِ الرَّابِعَةِ، وأنَّها تُصَلِّى وتَصُومُ في المَرَّاتِ الثَّلَاثِ. وفِي رِوَايَتِه الأُولَى يَحْتَمِلُ أنَّها تَحْتَسِبُه (٧) مِن حَيْضِها في المَرَّةِ الثَّالِثَة؛ لقولِه: لا تَنْتَقِل إليه إلَّا في الثَّالِثَةِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ بعدَ الثَّالِثَةِ، وفِي رِوَايَة حَنْبَلٍ احْتِمالان: أحدُهما، أنَّها تَنْتَقِلُ إليه في المَرَّةِ الثَّانِيةِ، وتَحْتَسِبُه منْ حَيْضِها. والثانى، أنَّها لا تَنْتَقِلُ إليه إلَّا في الثَّالِثَةِ. وأكثرُ الرِّوَايَاتِ عنه اعْتِبارُ التَّكْرَارِ ثلاثًا فيما خَرَجَ عن العادَةِ سَوَاءٌ رَأَتِ الدَّمَ قبلَ عادَتِها، أو بعدَها مع بَقَاءِ العادَةِ، أو انْقِطَاعِ الدَّمِ فيها، أو في بعضِها، فإنَّها لا تَجْلِسُ في غيرِ أيَّامِها حتى يَتَكَرَّرَ مَرَّتَيْن أو ثلاثًا، فإذا تَكَرَّرَ عَلمْنا أنَّه حَيْضٌ مُنْتَقِلٌ, فتَصِيرُ إليه، أي تَتْرُكُ الصَّلَاةَ والصَّوْمَ فيه، وتَصِيرُ عادَةً لها، وتَتْرُك الأوَّلَ، أي العادَةَ الأُولَى؛ لأنَّها قد انْتَقَلَتْ عنها، وصارَتِ العادَةُ أكثرَ منها أو غيرها. ثم يَجِبُ عليها قَضَاءُ مَا صامَتْ (٨) مِن الفَرْضِ في هذه المرَّاتِ الثلاثِ التي أمَرْنَاها بالصِّيَامِ فيها؛ لأنَّنا تَبَيَّنّا أنَّها صَامَتْهُ في حَيْضٍ، والصَّوْمُ في الحَيْضِ غيرُ صَحِيحٍ، وأمَّا الصَّلَاة فليس عليها قَضَاؤُها؛ لأنَّ الحائِضَ لا تَقْضِى الصَّلَاةَ. قال أبو


(٣) أبو العباس الفضل بن زياد القطان البغدادي، كان من المتقدمين عند الإمام أحمد، وكان الإِمام يعرف قدره ويكرمه، فوقع له عنه مسائل كثيرة جياد. طبقات الحنابلة ١/ ٢٥١ - ٢٥٣.
(٤) في م: "تنتقل إليه".
(٥) في م: "مرار".
(٦) في م: "الثلاث".
(٧) في الأصل: "وتحسبه". وسيأتي بعد قليل ما يوافق رواية م.
(٨) في م: "صامته".

<<  <  ج: ص:  >  >>