للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذلك، ويروى أَنَّ عَقِيلًا تزوَّجَ فاطمةَ بنتَ عُتْبَة، فتخاصَما، فجمَعتْ ثيابَها، ومضَتْ إلى عثمانَ، فبعثَ حَكَمًا من أهلِه عبدَ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ، وحَكَمًا من أهلِها معاويةَ، فقال ابن عبَّاسٍ: لأُفَرِّقَنَّ بينهما. وقال معاويةُ: ما كنت لأُفَرِّقُ بين شَخْصَيْنِ (٧) مِن بنى عَبْدِ مَنَافٍ. فلما بَلغا البابَ كانا قد أغْلَقَا (٨) البابَ واصْطَلَحا (٩). ولا يمْتَنِعُ أن تثْبُتَ الوِلايةُ على الرَّشيدِ عندَ امْتناعِه مِن أداءِ الحقِّ، كما يُقْضَى الدَّينُ عنه مِن مالِه إذا امْتَنعَ، ويُطَلِّقُ الحاكمُ على المُولِى إذا امتَنَعَ. إذا ثبتَ هذا، فإنَّ الحكميْن لا يكونانِ إلَّا عاقلَيْنِ بالغَيْنِ عَدْلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ؛ لأنَّ هذه من شُروطِ العَدالةِ، سَواءٌ قُلْنا: هما حاكمانِ أو وكيلانِ؛ لأنَّ الوكيلَ إذا كان مُتَعَلِّقًا بنَظَرِ الحاكمِ، لم يجُزْ أن يكونَ إلَّا عَدْلًا، كما لو نُصِبَ وكيلًا لصَبِىٍّ أو مُفْلِسٍ، ويكونان ذَكَرَيْنِ؛ لأنَّه يَفْتَقِرُ (١٠) إلى الرَّأْىِ والنَّظَرِ. قال القاضى: ويُشْتَرطُ كونهما حُرَّيْنِ. وهو مذهبُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّ العبدَ عندَه لا تُقْبَلُ شهادتُه، فتكونُ الحُرِّيَّةُ من شُروطِ العدالةِ. والأَوْلَى [أن يُقالَ] (١١): إنْ كانا وكيلَيْنِ، لم تُعْتَبَرِ الحُرِّيَّةُ؛ لأنَّ تَوْكيلَ العبدِ جائزٌ، وإن كانا حَكمَيْنِ، اعتُبِرَتِ الحُرِّيَّةُ؛ لأنَّ الحاكم لا يجوزُ أن يكونَ عبدًا. ويُعْتَبرُ أن يكونا عالِمَيْنِ بالجَمْعِ والتَّفْريقِ؛ لأنَّهما يتصرَّفانِ فى ذلك، فيُعتَبرُ عِلْمُهما به. والأَوْلَى أن يكُونا مِن أهلِهما؛ لأمرِ اللَّه تعالى بذلك، ولأنَّهما أشْفَق وأعلمُ بالحالِ، فإن كانا مِن غيرِ أهلِهما جازَ؛ لأنَّ القرَابةَ


= الحكمين، من كتاب الطلاق. المصنف ٦/ ٥١٢. والطبرى، فى: تفسر الآية ٣٥، من سورة النساء. تفسير الطبرى ٥/ ٧١. وابن كثير فى تفسير الآية نفسها. تفسير ابن كثير ٢/ ٢٦٠.
(٧) فى أ، ب، م: "شيخين".
(٨) فى أ، ب، م: "غلقا".
(٩) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب الحكمين، من كتاب الطلاق. المصنف ٦/ ٥١٣. والطبرى، فى: تفسير سورة النساء الآية ٣٥. تفسير الطبرى ٥/ ٧٤، ٧٥. وابن كثير فى تفسير الآية نفسها. تفسير ابن كثير ٢/ ٢٥٩.
(١٠) فى ب، م: "مفتقر".
(١١) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>