للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَرِيحيْنِ فيه كسائرِ كِنَاياتِه. ووَجْهُ الأوَّلِ أَنَّ هذه الألفاظَ ورد بها الكتابُ بمَعْنَى الفُرْقةِ بينَ الزَّوجينِ، فكانا صَرِيحينِ فيه، كلفظِ الطَّلاق، قال اللَّه تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (١). وقال: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (٢). وقال سبحانه: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} (٣). وقال سبحانه: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (٤). وقولُ ابنِ حامد أصَحُّ؛ فإنَّ الصَّريحَ فى الشَّىءِ ما كان نصا فيه، لا يَحْتمِلُ غيرَه، إلَّا احْتمالًا بعيدًا، ولفظةُ (٥) الفراقِ والسَّراحِ إنْ ورَدا فى القرآنِ بمعنى الفُرقةِ بينَ الزَّوْجَيْنِ، فقد وردا (٦) لغيرِ ذلك المعنى [فى القرآنِ] (٧) وفى العُرفِ كثيرًا، قال اللَّه تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (٨). وقال: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (٩). فلا مَعْنَى لتَخْصِيصِه بفُرْقةِ (١٠) الطَّلاقِ، على أَنَّ قوله: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (١١). لم يُرِدْ به الطَّلاقَ، وإنَّما هو تَرْكُ ارْتجاعِها، وكذلك قولُه: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. ولا يَصِحُّ قياسُه على لفظِ الطَّلاقِ، فإنَّه مُخْتَصٌّ بذلك، سابِقٌ إلى الأفهامِ مِنْ غيرِ قرينةٍ ولا دَلالةٍ، بخلافِ الفِرَاقِ والسَّراحِ. فعلى كلا القولينِ، إذا قال: طلّقتُك، أو أنتِ طالقٌ، أو مُطلَّقةٌ. وقعَ الطَّلاقُ مِن غيرِ نِيَّةٍ. وإن قال (١٢): فارَقتُك. أو قال (١٣): أنتِ مُفارَقةٌ، أو سرَّحتُك،


(١) سورة البقرة ٢٢٩.
(٢) سورة البقرة ٢٣١.
(٣) سورة النساء ١٣٠.
(٤) سورة الأحزاب ٢٨.
(٥) فى أ: "ولفظ".
(٦) فى الأصل، أ: "وردت".
(٧) سقط من: ب، م.
(٨) سورة آل عمران ١٠٣.
(٩) سورة البينة ٤.
(١٠) فى الأصل، ب، م: "بفرق".
(١١) سورة الطلاق ٢.
(١٢) سقط من: الأصل، ب، م.
(١٣) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>