للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالكٌ: يَقَعُ بها الثَّلاثُ، وإن لم يَنْوِ إلَّا فى خُلعٍ أو قبلَ الدُّخولِ، فإنَّها (٦) تَطْلُقُ واحدةً؛ لأنَّها تَقْتضِى البَيْنُونةَ، والبَيْنُونةُ تَحْصُلُ فى الخُلْعِ وقبلَ الدخولِ بواحدةٍ، فلم يُزَدْ عليها؛ لأنَّ اللَّفْظَ لا يَقْتضِى زيادةً عليها، وفى غيرهما يَقعُ الثَّلاثُ ضرورةَ أَنَّ البَيْنُونةَ لا تَحْصُلُ إلَّا بها، ووَجْهُ أنَّها ثلاثٌ أنَّه (٧) قولُ أصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرُوِىَ عن علىٍّ، وابنِ عمرَ، وزيدِ بنِ ثابتٍ، أنَّها ثلاثٌ. قال أحمدُ فى الخَلِيَّةِ والْبَرِيَّةِ والبتَّةِ: قولُ علىٍّ وابنِ عمرَ قولٌ صحيحٌ ثلاثًا. وقال (٨) علىٌّ، والحسنُ، والزُّهْرِىُّ، فى البائنِ: إنَّها ثلاثٌ. وروَى النَّجَّادُ، بإسنادِه عن نافِعٍ، أَنَّ رجلًا جاء إلى عاصمٍ وابنِ الزُّبير [فقال]: إنَّ ظِئْرِى هذا طلَّقَ امْرأتَه البَتَّةَ قبلَ أن يَدخلَ بها، فهل تَجِدانِ له رُخْصةً؟ فقالا: لا، ولكنَّا ترَكْنا ابنَ عبَّاسٍ وأبا هُرَيْرَةَ عندَ عائشةَ، فسَلْهُم، ثم ارْجِعْ (٩) إلينا، فأخْبِرْنا. فسأَلهم، فقال أبو هُرَيْرةَ: لا تَحِلُّ له حتى تَنكِحَ زوجًا غيره. وقال ابنُ عبَّاسٍ: هى ثلاثٌ. وذَكَرَ عن عائشةَ مُتابعَتَهما (١٠). وروَى النَّجَّادُ بإسْنادِه، أَنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، جعل الْبَتَّةَ واحدةً، ثم جعلَها بعدُ ثلاثَ تَطْليقاتٍ (١١). وهذه أقوالُ عُلَماءِ الصَّحابةِ، ولم يُعْرَف لهم مخالفٌ فى عصرِهم، فكان إجماعًا، ولأنَّه طلَّقَ امرأتَه بلفظٍ يَقْتضِى البَيْنُونةَ، فوَجَبَ الحُكْمُ بطلاقٍ تَحصُلُ به البَيْنُونةُ، كما لو طلَّقَ ثلاثًا، أو نَوَى الثَّلاثَ، واقْتضاوة للبَيْنُونةِ ظاهرٌ فى قولِه: أنتِ بائنٌ. وكذا فى قوله: البتَّةَ؛ لأنَّ البَتَّ القَطْعُ، فكأنَّه قطَعَ النِّكاحَ كلَّه، ولذلك يُعبَّرُ به عن الطَّلاقِ الثَّلاثِ، كما قالتِ امرأةُ رِفاعةَ: إنَّ رِفاعةَ طلَّقَنى فبَتَّ طلاقى (١٢). وبَتْلُه هو القطعُ أيضًا؛ ولذلك قيل فى


(٦) فى الأصل: "فإنه".
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) من هنا إلى قوله: "متابعتهما" الآتى سقط من: الأصل.
(٩) فى ب، م: "رجع".
(١٠) وأخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى الرجل يطلق امرأته البتة، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٦٧.
(١١) تقدم تخريجه، فى صفحة ٣٣٤.
(١٢) تقدم تخريحه، فى صفحة ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>