للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظِّهارِ، كما لو قال: أنتِ علىَّ (٣٠) حرامٌ كظهرِ أُمِّى. فأمَّا إن نَوَى غيرَ الظِّهارِ، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ، فى روايةِ جماعةٍ، أنَّه ظِهارٌ، نَوَى الطَّلاقَ أو لم ينْوِه. وذكَرَه الخِرَقِىُّ فى موضعٍ غيرِ هذا. وممَّن قال إنَّه ظهارٌ؛ عثمانُ بنُ عفانَ، وابنُ عبّاسٍ، وأبو قِلَابَةَ، وسعيدُ بنُ جُبَيرٍ، وميمونُ بنُ مِهْرَانَ، والبَتِّىُّ. رَوَى الأثْرَمُ، بإسنادِه عن ابنِ عبَّاسٍ، فى الحرامِ، أنَّه تَحْرِيرُ رَقَبةٍ، فإن لم يَجِدْ فصيامُ شهرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أو إطْعامُ سِتِّينَ مسكينًا (٣١). ولأنَّه صَرِيحٌ فى تَحْرِيمِها، فكان ظِهارًا، وإن نَوَى غيرَه، كقوله: أنتِ علىَّ كظهرِ أُمِّى. وعن أحمد؛ أنَّه إذا نَوَى به (٣٢) الطَّلاقَ، كان طلاقًا. وقال (٣٣): إذا قال: ما أحَلَّ اللَّهُ علىَّ (٣٤) حَرامٌ. يَعْنِى به الطَّلاقَ، أخافُ أن يكونَ ثلاثًا، ولا أُفْتِى به. وهذا مثلُ قولِه فى الكناياتِ الظَّاهرةِ، فكأنَّه جَعلَه مِن كناياتِ الطَّلاقِ، يَقَعُ به الطَّلاقُ إذا نَوَاه. ونقلَ عنه البَغَوِىُّ (٣٥) فى رجلٍ قال لامرأتِه: أمْرُكِ بيدِكِ. فقالتْ: أنا عليك حَرامٌ. فقد حُرِّمَتْ عليه. فجعلَه منها كنايةً فى الطَّلاقِ، فكذلك مِن الرَّجلِ. واختارَه ابنُ عَقِيلٍ. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ، والشَّافعىِّ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ مسعودٍ. وممن رُوِىَ عنه أنَّه طلاقُ ثلاثٍ؛ عَلِىٌّ، وزيدُ بنُ ثابتٍ، وأبو هُرَيْرةَ، والحَسَنُ البَصْرِىُّ، وابنُ أبى لَيْلَى. وهو مذهبُ مالكٍ فى المَدْخُولِ بها؛ لأنَّ الطَّلاقَ نوعُ تَحْريمٍ، فصحَّ أن يُكْنَى به عنه، كقولِه: أنتِ بائنٌ. فأمَّا إن لم يَنْوِ الطَّلاقَ، فلا يَكونُ طلاقًا بحالٍ؛ لأنَّه ليس بصَرِيحٍ فى الطَّلاقِ، فإذا لم يَنْوِ معه، لم يَقَعْ به طلاقٌ، كسائرِ الكناياتِ. وإن قُلْنا: إنَّه كنايةٌ فى الطَّلاقِ. وَنوَى به، فحُكْمُه حُكْمُ الكناياتِ


(٣٠) سقط من: الأصل، أ.
(٣١) وأخرجه عبد الرزاق، فى: باب الحرام، من كتاب الطلاق. المصنف ٦/ ٤٠٤.
(٣٢) سقط من: ب، م.
(٣٣) سقطت الواو من: الأصل، ب، م.
(٣٤) فى ب، م: "عن".
(٣٥) عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز. انظر: طبقات الحنابلة ١/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>