للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّاهرةِ، على ما مَضَى من الاخْتلافِ فيها. وهو قولُ مالكٍ، وأبى حنيفةَ، والشَّافعىِّ، كلٌّ على أصْلِه، ويُمْكِنُ حَمْلُه على الكناياتِ الخفِيَّةِ إذا قُلْنا: إنَّ الرَّجْعةَ (٣٦) مُحرَّمَةٌ؛ لأنَّ أقلَّ ما تَحْرُمُ به الزَّوجةُ طلقةٌ رَجْعِيَّةٌ، فحُمِلَ على اليقينِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ ما يَدلُّ عليه؛ فإنَّه قال: إذا قال: أنتِ علىَّ حَرامٌ، أعنى به طلاقًا. فهى واحدةٌ. ورُوِىَ هذا عن عمرَ بنِ الخطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، والزُّهْرِىِّ. وقد رُوِىَ عن مَسْروقٍ، وأبى سَلَمَةَ ابنِ عبدِ الرَّحمنِ، والشَّعْبِىِّ: ليس بشىءٍ؛ لأنَّه قولٌ هو كاذبٌ فيه. وهذا يَبْطُلُ بالظِّهارِ؛ فإنَّه مُنْكَرٌ مِنَ القَوْلِ وزُورٌ، وقد أوْجَبَ (٣٧) الكفَّارةَ، ولأنَّ هذا إيقاعٌ للطَّلاقِ، فأشْبَهَ قولَه: أنتِ بائنٌ. أو أنتِ طالقٌ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه إذا نَوَى اليمينَ كان يمينًا. فإنَّه قال، فى روايةِ مُهَنَّا: إنَّه إذا قال: أنتِ علىَّ حرامٌ. وَنوَى يَمِينًا، ثم ترَكَها أربعةَ أشْهُرٍ، قال: هو يمِينٌ، وإنَّما الإِيلاءُ أن يَحْلِفَ باللَّهِ أن لا يَقْرَبَ امرأتَه. فظاهرُ هذا أنَّه إذا نَوَى اليمينَ كانت يمينًا. وهذا مذهبُ ابنِ مسعودٍ، وقولُ أبى حنيفةَ، والشَّافعىِّ. وممَّن رُوِىَ عنه: عليه كفّارةُ يَمِينٍ. أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ، وعمرُ، وابنُ عبّاسٍ، وعائشةُ، وسعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، وعَطاءٌ، وطاوُسٌ، وسليمانُ بنُ يَسارٍ، وقتادة، والأوْزَاعىُّ. وفى المُتَّفَقِ عليه (٣٨)، عن سعيد بنِ جبَيرٍ، أنَّه سمِعَ ابنَ عبَّاسٍ يَقولُ: إذا حرَّم الرَّجلُ عليه امرأتَه، فهى يَمِينٌ يُكَفرُها. وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٣٩). ولأنَّ اللَّه تعالى قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا


(٣٦) فى الأصل، أ: "الرجعية".
(٣٧) فى ب، م: "وجبت".
(٣٨) أخرجه البخارى، فى: باب: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى ٧/ ٥٦. ومسلم، فى: باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم ٢/ ١١٠٠.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب الحرام، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٧٠. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢٢٥. والبيهقى، فى: باب من قال لامرأته: أنت على حرام. من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣٥٠.
(٣٩) سورة الأحزاب ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>