للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَوْرٍ ولا غيرِه. وإن قُلْنا بوُقوعِ الثَّلاثِ، فوَجْهُه أنَّه وصفَ الطَّلاقَ المُعَلَّقَ بما يَسْتحيلُ وَصْفُه به، فلَغَتِ (٢٣) الصِّفةُ، ووَقع الطَّلاقُ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ طَلْقةً لا تَنْقُصُ عَدَدَ طلاقِكِ (٢٤)، أو (٢٥) لا تَلْزَمُكِ. أو قال للآيِسَةِ: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ. أو قال: للبدعةِ. وبيانُ اسْتحالتِه، أَنَّ تعْليقَه بالشَّرطِ يَقْتضِى وُقوعَه بعدَه؛ لأنَّ الشَّرطَ يَتَقَدَّمُ مَشْروطَه، ولذلك لو أطْلقَ لَوقعَ بعدَه، وتَعْقيبُه بالفاءِ فى قوله: فأنت طالقٌ. يقَتْضِى كونَه عَقِيبَه، وكونُ الطَّلاقِ المُعلَّقِ بعدَه قبلَه مُحالٌ، لا (٢٦) يَصِحُّ الوَصْفُ به، فلَغَتِ الصِّفَةُ، ووقعَ الطَّلاقُ، كما لو قال: إذا طلَّقْتُك فأنتِ طالقٌ ثلاثًا لا تَلْزمُكِ. ثم يَبْطُل ما ذكَرُوه بقولِه: إذا انْفَسخَ نكاحُكِ فأنتِ طالقٌ قبلَه ثلاثًا. ثم وُجِدَ ما يَفْسَخُ نِكاحَها؛ من رَضاعٍ، أو رِدَّةٍ، أو وَطْءِ أمِّها أو ابْنتِها بشُبْهةٍ، فإنَّه يَرِدُ عليه ما ذكَرُوه، ولا خلافَ فى انْفِساخِ النِّكاحِ. قال القاضى: ما ذكَرُوه ذَرِيعةٌ إلى أن لا يَقَعَ عليها الطَّلاقُ جُمْلةً (٢٧). وإن قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا قُبَيْلَ وُقوعِ طلاقِى بك واحدةً. أو قال: أنتِ طالقٌ اليومَ ثلاثًا إن طلّقتُكِ غدًا واحدةً. فالكلامُ عليها من وَجهٍ آخرَ، وهو وَارِدٌ على المسْألتينِ جميعًا، وذلك أَنَّ الطَّلْقةَ المُوقَعَةَ يَقْتضِى وُقوعُها وقوعَ ما لا يُتَصَوّرُ وُقوعُها معه، فيَجِبُ أن يُقْضَى بوُقوعِ [الطَّلْقةِ المُوقَعَةِ] (٢٨) دونَ ما تَعلَّقَ بها؛ لأنَّ ما تَعلَّقَ بها تابعٌ، ولا يَجوزُ إبْطالُ المتْبُوعِ لامْتناعِ حُصُولِ الِتَبَعِ، فيَبطُلُ التابعُ وحدَه، كما لو قال فى مرضِه: إذا أعْتَقْتُ سالمًا فغانم حُرٌّ. ولم يَخْرُجْ مِن ثُلُثِه إلا أحدُهما، فإنَّ سالمًا يَعْتِقُ وحدَه، ولا يُقْرَعُ بينهما؛ لأنَّ ذلك ربَّما أدَّى إلى عِتْقِ المشْروطِ دونَ الشَّرْطِ، وذلك غيرُ


(٢٣) فى الأصل، ب، م: "فغلت" تحريف.
(٢٤) فى أ: "الطلاق".
(٢٥) فى أزيادة: "قال".
(٢٦) فى ب، م: "فلا".
(٢٧) فى أزيادة: "وهو مذهب النصارى".
(٢٨) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>