للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانْقَضَتْ عِدَّتُها، وتَزَوَّجَتْ (٢)، ثم جاءَ وادَّعَى أنَّه كان راجَعَها قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها، وأقامَ (٣) البَيِّنَةَ على ذلك، ثَبَتَ أنَّها زَوْجَتُه، وأنَّ نِكاحَ الثَّانِى فاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ غيرِه، وتُرَدُّ إِلى الْأَوَّلِ، سَوَاءٌ دَخَلَ بها الثَّانِى أو لم يَدْخُلْ بها. هذا هو الصَّحِيحُ، وهو مَذْهَبُ أكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ منهم الثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ. ورُوِىَ ذلك عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه. وعن أبى عبدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّه. رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، إِنْ دَخَلَ بها الثَّانِى فهى امْرَأَتُهُ، ويَبْطُلُ نِكاحُ الْأَوَّلِ (٤). رُوِىَ ذلك عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وهو قَوْلُ مالِكٍ. ورُوِىَ مَعْناهُ عن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وعبدِ الرحمنِ بنِ القاسِمِ، ونَافِعٍ؛ لأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهما عَقَدَ عليها، وهى مِمَّنْ يجوزُ له العَقْدُ عليها فى الظَّاهِرِ، ومع الثَّانى مَزِيَّةُ الدُّخُولِ، فقُدِّمَ بها. ولنا، أَنَّ الرَّجْعَةَ قد صَحَّتْ، وتَزَوَّجَتْ وهى زَوْجَةُ الأَوَّلِ، فلم يَصِحَّ نِكَاحُها، كما لو لم يُطَلِّقْها. فإذا ثَبَتَ هذا، فإِنْ كان الثَّانِى ما دَخَلَ بها، فُرِّقَ بينهما، ورُدَّتْ إلى الْأَوَّلِ، ولا شىءَ على الثَّانِى. وإِنْ كان دَخَلَ بها، فلها عليهِ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لأنَّ هذا وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَتَعْتَدُّ، ولا تَحِلُّ للأوَّلِ حتى تَنْقَضِىَ (٥) عِدَّتُها منه. وإِنْ أقَامَ البَيِّنةَ قبْلَ دُخُولِ الثَّانِى بها، رُدَّتْ إلى الأَوَّلِ، بِغيرِ خِلافٍ فى المَذْهَبِ. وهو إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن مالِكٍ. وأمَّا إِنْ تَزَوَّجَها مع عِلْمِها بِالرَّجْعَةِ، أو عِلْمِ أَحَدِهما، فالنِّكاحُ باطِلٌ بغَيرِ خِلافٍ، والوَطْءُ مُحَرَّمٌ على مَنْ عَلِمَ منهما (٦)، وحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّانِى فى الحَدِّ وغيرِه؛ لأَنَّهُ وَطِئَ امْرِأَةَ غيرِه مع عِلْمِهِ. فأمَّا إِنْ لم يَكُنْ لِمُدَّعِى الرَّجْعَةِ بَيِّنَةٌ، فأنْكَرَهُ أَحَدُهما، لم يُقْبَلْ قَوْلُه، ولكنْ إنْ أنْكَرَاهُ (٧) جَمِيعًا، فالنِّكاحُ صحيحٌ فى حَقِّهِما (٨)، وإن اعْتَرَفا له بِالرَّجْعَةِ، ثَبَتَتْ،


(٢) فى م: "ثم تزوجت".
(٣) فى الأصل: "أو أقام".
(٤) فى ب: "الأولى".
(٥) فى أ: "تقضى".
(٦) سقط من: الأصل.
(٧) فى الأصل: "أنكره".
(٨) فى الأصل: "حقها".

<<  <  ج: ص:  >  >>