للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحُكْمُ فيه كما لو قامَتْ به البَيِّنَةُ سَوَاءً. وإِنْ أَقَرَّ له الزَّوْجُ وَحْدَه، فقد اعْتَرَفَ بِفَسادِ نِكاحِهِ، فتَبِينُ منه، وعليه مَهْرُها إنْ كان بعدَ الدُّخُولِ، أو نِصْفُه إِنْ كان قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ لا يُصَدَّقُ على المَرْأَةِ فى إِسْقاطِ حَقِّها عنه، ولا تُسَلَّمُ المَرْأَةُ إلى المُدَّعِى؛ لأنَّهُ لا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ الثَّانِى عليها، وإِنَّما يَلْزَمُهُ فى حَقِّهِ، ويَكُونُ القَوْلُ قَوْلَهَا. وهل هو مع يَمِينِها أو لا؟ على وَجْهَيْنِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّها لا تُسْتَحْلَفُ؛ لأنَّها لو أَقَرَّتْ، لم يُقْبَلْ إِقْرَارُها، فإِذَا أَنْكَرَتْ، لم تَجِبِ الْيَمِينُ بإنْكارِها. وإنِ اعْتَرَفَت الْمَرْأَةُ وأَنْكَرَ الزَّوْجُ، لم يُقْبَلِ اعْتَرَافُهَا على الزَّوْجِ فى فَسْخِ نِكاحِه (٩)؛ لِأَنَّ قَوْلَها إِنَّما يُقْبَلُ على نَفْسِها فى حَقِّها. وهل يُسْتَحْلَفُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهما، لا يُسْتَحْلَفُ. اخْتارَهُ القاضى؛ لأَنَّهُ دَعْوَى فى النِّكاحِ، فلم يُسْتَحْلَفْ، كما لو ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ فأنْكَرَتْهُ. والثَّانى، يُسْتَحْلَفُ. قال القاضى: وهو قَوْلُ الخِرَقِىِّ؛ لِعُمُومِ قَوْلِه عليه السلامُ: "وَلكِنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ" (١٠). ولأَنَّهُ دَعْوَى فى حَقِّ آدَمِىٍ، فيُسْتَحْلَفُ فيه كالمَالِ. فإنْ حَلَفَ فيَمِينُه على نَفْىِ العِلْمِ؛ لأنَّهُ على نَفْىِ فِعْلِ الغَيْرِ. فإنْ زالَ نِكَاحُهُ بِطَلاقٍ، أَو فَسْخٍ، أو مَوْتٍ، رُدَّتْ إلى الأَوَّلِ مِنْ غيرِ عَقْدٍ؛ لأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ رَدِّهَا إِنَّما كان لِحَقِّ الثَّانى، فَإِذا زَالَ، زالَ (١١) المانِعُ (١٢)، وَحُكِمَ بِأَنَّهَا زَوْجَةُ الأَوَّلِ، كما لو شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ عبدٍ ثم اشْتَرَاهُ، عَتَقَ عليه. ولا يَلْزَمُها لِلْأَوَّلِ مَهْرٌ بِحَالٍ. وذَكَرَ القاضى، أَنَّ عليها له مَهْرًا. وهو قَوْلُ بعضِ أصْحابِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّها أَقَرّتْ أنَّها حَالَتْ بينه وبين بَعْضِهَا (١٣) بِغيرِ حَقٍّ، فَأشْبَهَ شُهُودَ الطَّلاقِ إِذا رَجَعُوا. ولَنا، أَنَّ مِلْكَها اسْتَقَرَّ على المَهْرِ، فلم يَرْجِعْ به عليها، كما لو ارْتَدَّتْ، أو أسْلَمَتْ، أو قَتَلَتْ نَفْسَها، فإنْ ماتَ الأوَّلُ وهى فى نِكاحِ الثَّانِى، فيَنْبَغِى


(٩) فى م: "النكاح".
(١٠) تقدم تخريجه فى: ٦/ ٥٢٥.
(١١) سقط من: أ، ب، م.
(١٢) فى الأصل: "المنع".
(١٣) لعل الصواب: "بضعها".

<<  <  ج: ص:  >  >>