للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: "فإنِّى (٨) سأُعِينُه بِعَرَقٍ مِن تَمْرٍ". فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، فإنِّى أُعينُه بعرقٍ آخَرَ. قال: "قَدْ أحْسَنْتِ، اذْهَبِى فَأطْعِمِى عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وارْجِعِى إلَى ابْنِ عَمِّكِ". قال الأصْمَعِىُّ: العَرَقُ، بفتح العَيْنِ والرَّاءِ: هو ما سُفَّ (٩) مِن خُوصٍ، كالزِّنْبِيلِ الكبيرِ. ورَوَى أيضًا (١٠)، بإسنادِه عن سليمانَ بن يَسارٍ، عن سَلَمَةَ بنِ صَخْرٍ الْبَياضِىِّ، قال: كنتُ أُصِيبُ من النِّساءِ ما لا يُصيبُ غيرى، فلمَّا دَخَلَ شهرُ رمضانَ، خِفْتُ أَنْ أُصيبَ من امرأتى شيئًا يتَتايَعُ (١١) حتى أُصْبِحَ، فظاهَرْتُ مِنها حتَّى يَنْسَلِخَ شهرُ رمضانَ، فبيْنا هى تَخدِمُنى ذاتَ لَيْلَةٍ، إذْ تَكَشَّفَ لى منها شىءٌ، فلم أَلْبَثْ أن نَزَوْتُ عليها، فلمَّا أصبحتُ خَرَجْتُ إلى قومى، فأخبرتُهم الخبرَ، وقلتُ: امْشُوا معى إلى رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قالوا: لا واللَّهِ. فانْطَلقْتُ إلى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبرتُه الخَبَرَ, فقال: "أَنْتَ بِذَاكَ يا سَلَمَةُ؟ " (١٢). فقلتُ: أنا بذاكَ يا رسولَ اللَّهِ، وأنا صابِرٌ لحكمِ اللَّهِ، فاحْكُمْ فىَّ ما أراكَ اللَّهُ. قال: "حَرِّرْ رَقَبَةً". قلتُ: والَّذِى بَعَثَكَ بالحقِّ ما أمْلِكُ رَقَبَةً غيرَها. وضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِى. قال: "فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ". قلتُ: وهل أَصَبْتُ الَّذى أصَبْتُ إلَّا مِن الصِّيامِ؟ . قال: "فَأطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْن سِتِّينَ مِسْكِينًا". قلتُ: والذى بعَثك بالحقِّ، لقد بِتْنا وَحْشَيْنِ (١٣)، ما لنَا طَعامٌ. قال: "فَانْطَلِقْ إلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِى زُرَيْقٍ، فَلْيَدْفَعْهَا إلَيْكَ". قال: "فَأطْعِمْ


(٨) فى الأصل: "فأنا".
(٩) سُفَّ: أى نُسِج.
(١٠) فى: باب فى الظهار، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٣.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ومن سورة المجادلة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى ١٢/ ١٨٥، ١٨٦. والدارمى، فى: باب فى الظهار، من كتاب الطلاق. سنن الدارمى ٢/ ١٦٣، ١٦٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٣٧. وانظره فى ٤/ ٣٨٢.
(١١) التتابع: الوقوع فى الشر من غير فكرة ورويَّة.
(١٢) أى: أنت المُلِمُّ بذاك، أو أنت المرتكب له؟
(١٣) يقال: رجل وحش. إذا كان جائعا، لا طعام له.

<<  <  ج: ص:  >  >>