للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافِعِىِّ، وإسحاقَ. ومَنَعَه (٢) الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، ومحمدُ بنُ الحسنِ؛ لِمَا رَوَى ابنُ عمرَ، أنَّ بِلَالًا أذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، فأمَرَهُ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِى: "ألَا إنَّ العَبْدَ نَامَ، ألَا إنَّ العَبْدَ نَامَ". وعن بِلَالٍ أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لهُ: "لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكَ الفَجْرُ هَكَذَا" ومَدَّ يَدَيْهِ عَرْضًا. رَوَاهُما أبو داودُ (٣). وقال طَائِفَةٌ من أهلِ الحديثِ: إذا كان له مُؤَذِّنان (٤)، يُؤَذِّنُ أحدُهُمَا قبلَ طُلُوعِ الفجرِ، والآخَرُ بعدَهُ، فلا بأْسَ؛ لأنَّ الأذانَ قبل الفجرِ يُفَوِّتُ المَقْصُودَ من الإِعْلَامِ بالوقتِ، فلم يَجُزْ، كَبَقِيَّةِ الصلواتِ، إلَّا أن يكُونَ لهُ مُؤَذِّنَانِ يَحْصُل إعْلَامُ الوَقتِ بأحدِهِمَا، كما كانَ للنَّبِىِّ (٥) -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ". مُتَّفَقٌ عليه (٦). وهذا يَدُلُّ على دَوَامِ ذلك منه، والنَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أقَرَّهُ عليه، ولم يَنْهَه عنه، فثَبَتَ جَوَازُه، ورَوَى زِيَادُ بنُ الحَارِثِ الصُّدَائِىُّ، قال: لمَّا كانَ أوَّلُ أذانِ الصبحِ أمَرَنِى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فأذَّنْتُ، فَجَعَلْتُ أقُولُ: أُقِيمُ يا رسولَ اللهِ؟ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلى نَاحِيَةِ [المَشْرقِ، فيقولُ] (٧): "لا". حتَّى إذا طَلَعَ الفجرُ نَزَلَ، فبَرَزَ، ثم


(٢) في م: "ومنه" خطأ.
(٣) في: باب في الأذان قبل دخول الوقت، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٢٦، ١٢٧.
(٤) في النسخ: "مؤذن"، والسياق يقتضى ما أثبتناه.
(٥) في م: "النبي".
(٦) أخرجه البخاري، في: باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، وباب الأذان قبل الفجر، من كتاب الأذان، وفى: باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، من كتاب الصوم، وفى: باب شهادة الأعمى. . . إلخ، من كتاب الشهادات، وفى: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة. . . إلخ، من كتاب الآحاد. صحيح البخاري ١/ ١٦٠، ١٦١، ٣/ ٣٧، ٢٢٥، ٩/ ١٠٧، ١٠٨، ومسلم، في: باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر. . إلخ، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ١/ ٧٦٨، ٧٦٩. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الأذان بالليل، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ٤، ٥. والنسائي، في: باب المؤذنان للمسجد الواحد، وباب هل يؤذنان جميعا أو فرادى. المجتبى ٢/ ٩، ١٠. والدارمى، في: باب في وقت أذان الفجر، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٢٦٩، ٢٧٠. والإمام مالك، في: باب قدر السحور من النداء، من كتاب النداء. الموطأ ١/ ٧٤. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٩، ٥٧، ٦٢، ٦٤، ٧٣، ٧٩، ١٠٧، ١٢٣، ٦/ ٤٤، ٥٤، ١٨٥، ١٨٦، ٤٣٣.
(٧) في م: "الشرق، ويقول".

<<  <  ج: ص:  >  >>