للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاملةً، فيُوافِقُ ظاهِرَ النصِّ، فيكونُ أَوْلَى من مُخالَفَتِه، ولأنَّ العِدَّةَ اسْتِبْراءٌ، فكانت بالحَيْضِ، كاسْتِبْراءِ الأَمَةِ، وذلك لأنَّ الاسْتِبْراءَ لمَعْرِفةِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ من الحَمْلِ، والذى يَدُلُّ عليه الحَيْضُ، فوَجَبَ أن يكونَ الاسْتِبْراءُ به. فإن قِيلَ: لا نُسَلِّمُ أن اسْتِبْراءَ الأَمَةِ بالحَيْضَةِ، وإنَّما هو بالطُّهْرِ الذى قبلَ الحَيْضَةِ. كذلك قال ابنُ عبدِ البَرِّ، وقال (٢٨): قولُهم: إنَّ استبراءَ الأمةِ حَيْضةٌ بإجماعٍ. ليس كما ظَنُّوا، بل جائِزٌ لها عندنا أن تَنْكِحَ إذا دَخَلَتْ فى الحَيْضَةِ، واسْتَيْقَنَتْ أن دَمَها دَمُ حَيْضٍ، كذلك قال إسماعيلُ بن إسحاقَ لِيَحْيىَ بن أكْثَمَ حين أُدخل (٢٩) عليه فى مُناظَرَتِه إيَّاه. قُلْنا: هذا يَرُدُّه قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُوطَأُ حامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، ولَا حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ" (٣٠). ولأنَّ بالاسْتِبْراءِ (٣١) تُعْرَفُ بَراءةُ الرَّحِمِ، وإنَّما يَحْصُلُ بالحَيْضَةِ، لا بالطُّهْرِ الذى قبلَها، ولأنَّ العِدَّةَ [تتَعَلَّقُ بخُرُوجِ خارج من الرَّحِمِ، فوَجَبَ أن تتعلَّقَ بالطُّهْرِ، كوَضْعِ الحَمْلِ، يُحَقِّقُه أَنَّ العِدَّةَ] (٣٢) مَقْصُودُها مَعْرِفةُ (٣٣) بَراءةِ المرأةِ من الحَمْلِ، فتارةً تَحْصُلُ بوَضْعِه، وتارةً تحْصُلُ بما يُنافِيه، وهو الحَيْضُ الذى لا يُتَصَوَّرُ وجودُه معه. فأمَّا (٣٤) قولُه تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فيَحْتَمِلُ أنَّه أراد قبلَ عِدَّتِهِنَّ، إذ لا يُمْكِنُ حَمْلُه على الطَّلاقِ فى العِدَّةِ، ضَرُورةِ أَنَّ الطَّلاقَ يَسْبِقُ (٣٥) العدَّةَ، لكَوْنِه سَبَبَها، والسبَّبَ يتقَدَّمُ (٣٦) الحُكْمَ، فلا يُوجَدُ الحُكْمُ (٣٧) قبلَه، والطلاقُ فى الطُّهْرِ تَطْلِيقٌ قبلَ العِدَّةِ إذا كانت الأقْراءُ الحِيَضَ.


(٢٨) سقطت الواو من: ب.
(٢٩) فى م: "دخل".
(٣٠) تقدم تخريجه، فى: ١/ ٤٤٤.
(٣١) فى م: "الاستبراء".
(٣٢) سقط من: ب. نقل نظر.
(٣٣) سقط من: ب.
(٣٤) فى أ، م: "فإن".
(٣٥) فى أ، م: "سبق".
(٣٦) فى ب، م زيادة: "على".
(٣٧) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>