للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا معلومٌ في البِكْرِ، فلا حاجةَ إلى الاسْتِبْراءِ. وقال اللَّيْثُ: إن كانتْ ممَّن لا يَحْمِلُ مثلُها، لم يجِب اسْتِبراؤُها لذلك. وقال عثمانُ الْبَتِّىُّ: يجِبُ الاسْتِبْراءُ على البائعِ دُونَ المُشْترِى، لأنَّه لو زَوَّجَها، لكان الاسْتِبْراءُ على المُزَوِّجِ دون الزَّوْجِ، كذلك ههُنا. ولَنا، ما روَى أبو سعيدٍ (١)، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عامَ أوْطَاسٍ (٢) أنْ تُوطَأَ حامِلٌ حتى تَضَعَ، ولا غيرُ حاملٍ حتى تَحِيضَ. رواه أحمدُ في "المسندِ" (٣). وعن رُوَيْفِعِ بن ثابتٍ، قال: إنَّنِى لا أقولُ إلَّا ما سَمِعْتُه (٤) مِن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، سَمِعْتُه يقولُ: "لَا يَحِلُّ لِامْرِىءٍ، يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأةٍ مِنَ السَّبْىِ، حَتَّى يَسْتَبْرِئَها بِحَيْضَةٍ". روَاه أبو داودَ (٥). وفى لفظٍ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ حُنَيْنٍ (٦) يقول: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَسْقِى مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِه، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَطَأُ جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَها بِحَيْضَةٍ". روَاه الأثْرَمُ. ولأنَّه مَلَكَ جارِيةً مُحَرَّمةٌ عليه، فلم تَحِلَّ له قبلَ اسْتِبْرائِها، كالثَّيِّبِ التي تَحْمِلُ، ولأنَّه سَبَبٌ مُوجِبٌ للاسْتِبْراءِ، فلم يَفْتَرِقِ الحالُ فيه بين البِكْرِ والثَّيِّبِ، والتى تَحْمِلُ والتى لا تَحْمِلُ، كالعِدَّةِ. قال أبو عبدِ اللَّه: قد بَلَغَنِى أنَّ العَذْراءَ تحْمِلُ. فقال له بعضُ أهلِ المجلسِ: نعم، قد كان في جِيرَانِنَا. وذكر ذلك بعضُ أصْحابِ الشافعىِّ. وما ذكَرُوه يَبْطُلُ بما إذا اشْتَراها من امْرأةٍ أو صَبِىٍّ، أو ممَّن تَحْرُمُ عليه برَضاعٍ أو غيرِه، وما ذكَره الْبَتِّىُّ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ المِلْكَ قد يكونُ بالسَّبْىِ والإِرْثِ والوَصِيَّةِ، فلو لم يَسْتَبْرِئْها


(١) سقط من: الأصل.
(٢) أوطاس: واد في ديار هوازن، كانت فيه وقعة حنين. معجم البلدان ١/ ٤٠٥.
(٣) في: ٣/ ٢٨، ٦٢، ٨٧. كما أخرجه الدارمى، في: باب في استبراء الأمة، من كتاب الطلاق. سنن الدارمي ٢/ ١٧١. وانظر ما تقدم في: ١/ ٤٤٤.
(٤) في الأصل: "سمعت".
(٥) في: باب في وطء السبايا، من كتاب النكاح. سنن أبي داود ١/ ٤٩٧.
(٦) في أ، ب، م: "خيبر". وهو موافق لما عند الدارمي، حيث أخرجه في: باب في استبراء الأمة، من كتاب السير. سنن الدارمي ٢/ ٢٢٧. وما في الأصل موافق لما أخرجه أبو داود، في الباب السابق. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>